الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أود خطبة فتاة عرفتها عبر النت، فكيف أخبر أهلي؟

السؤال

السلام عليكم.

عمري 21 عامًا، عندما كنت أدرس في المرحلة الثانوية دخلت في مجموعة على تطبيق تواصل اجتماعي؛ كي أحصل على تلخيصات وأسئلة تساعدني على المذاكرة، وتعرفت إلى فتاة، ودامت علاقتنا إلى ما يقرب السنتين، وشعرت بأنني أحبها، وكان عمري وقتها 17 أو 18 عامًا، لكنني لم أخبرها بذلك خوفًا من الله.

ولقد شاهدت مقطعًا لأحد المشايخ يقول فيه: إنك عندما تريد فتاةً، وبينكما حديث في السر أو ما شابه ذلك، فاتركها، واطلبها من الله، أو اطلب من الله أن يقربك لها، ويجمع بينكما في الحلال؛ لأن كلامك معها حرام.

وبالفعل فعلت كل هذا، وطلبتها من الله في دعائي، وبالفعل منذ سنة أو أقل انتقلت أختي الصغيرة إلى مدرسة جديدة، قريبة من بيت هذه الفتاة، وتذكرتها، وتذكرت دعائي، وقلت إنها قد تكون إشارةً من الله أنها من نصيبي.

الآن عمري 21 عامًا، ولم أستطع نسيانها، ولا أعرف كيف أفاتح أهلي بالموضوع، وكيف أخبرهم بأن هذه الفتاة تعرفت إليها في مواقع التواصل، وأخشى أن يرفضها أهلي.

هي بعمري تقريبًا، ولكنني أكبرها ببضعة أشهر فقط.

أرجوكم، ماذا أقول لأهلي؟ وما الذي يلزمني فعله؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

سؤالك هذا دليلٌ واضح على رجاحة في عقلك، وحُسن تدبيرك لأمورك، نسأل الله تعالى أن يزيدك صلاحًا، وهدايةً، وقد أحسنت -أيها الحبيب- حين كففت ومنعت نفسك من الحديث مع هذه الفتاة؛ فإن الحديث وإن كان أوله مباحًا وحلالًا، فإن الشيطان بحيله الماكرة يفتح به بابًا للوقوع في أشياء أخرى من المحرمات، وقد حذّرنا الله تعالى من اتباع خطوات الشيطان، فقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

وأمَّا عن موقف أهلك من هذه الفتاة، وهل سيقبلون أو لا يقبلون:

فنحن ننصحك -أيها الحبيب- أن تتذكّر أن أهلك هم أحرص الناس على مصالحك، وهم أكثر الناس حُبًّا لك على أن تعيش حياةً سعيدةً، ومع هذا الحب وبهذا الحرص هم من أكثر الناس خبرةً بما يُفيدُك وينفعُك، فهم أدرى بالحياة وأهلها، وهم أعرفُ بمن يصلح أن تتزوج منهم، ومَن لا يصلح، ولذلك ننصحك بألَّا تُغفل رأي أهلك، وألَّا تتعامل معه بالحرص على تجنُّبه، والحرص على أن يتخذ أهلك نفس القرار الذي اتخذته، بل ينبغي أن تشاورهم، وأنت متجرّد من اتخاذ قرار، لترى رأيهم، وتستطيع تمييز مدى نفعه لك.

فإذا كنت متعلِّقًا بهذه الفتاة، وتيسّر لك الزواج الآن، فأْتِ البيوت من أبوابها، وخذ بالأسباب موقنًا أن الله تعالى سيُقدّرُ لك ما هو خيرٌ وأنفع، فإذا كان الخير في أن تتزوج هذه الفتاة فسيُيَسّره الله، وإذا علم الله تعالى أن الخير في أن يصرفها عنك، فكن راضيًا بما يُقدّره الله تعالى لك، عالمًا ومُوقنًا أن ذلك هو الخير، وقد قال الله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

فإذا قررت هذا القرار، ففاتح أهلك بهذا الموضوع، واكشف لهم عمَّا في نفسك من التعلُّق بهذه الفتاة، وأنك تريدُها زوجةً، وانتظر منهم الرأي، وأنت على يقين أنهم سيرون لك رأيًا صالحًا لك، وكن على ثقة من أن التوافق بينك وبين أهلك في اختيار الزوجة؛ سببٌ لاستقرار الزواج والعلاقات الطيبة بين أسرتك الصغيرة التي ستُنشئُها، وبين أسرتك الكبيرة، وهذا كلُّه من عوامل سعادتك في حياتك، فلا تُهمل هذه الجوانب.

أمَّا إذا كان الزواج في الحقيقة متعسّرًا الآن؛ فنصيحتنا لك أن تأخذ بالأسباب التي تقطع عن القلب التعلُّق بهذه الفتاة، فإن التعلُّق في هذه الحالة يكونُ ضارًّا لك، ومُعطِّلًا لقدراتك، ويدفعُ بك نحو أنواعٍ من الحسرات، والتألُّم على شيءٍ يفوتُك، ولا تقدر على الوصول إليه.

فالخير في هذه الحال أن تسعى لنسيان هذه الفتاة، وأهم وسائل النسيان هو الانصراف عنها، والانشغال بشيء آخر غيرها، فاقطع التواصل بها تمامًا، وحاول نسيانها، والنفس طبيعتُها إذا يئستْ من الشيءٍ نسَتْه.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان، ويُرضّيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر مريم احمد

    اشكركم كثيرا على ردكم لي وكنت قد انتظرته طويلا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً