الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما زلت أضيع صلواتي وأخشى لقاء الله وليس لي عذر!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنتُ محافظًا على الصلاة، ثم بعد فترة أصبحتُ غير محافظٍ عليها بسبب عملي وسفري اليومي ذهابًا وإيابًا؛ فأصبحتُ أشعر بإرهاقٍ كبير، فأحيانًا كثيرة أُضيّع صلاةَ المغرب والعشاء ولا أقضيها، وأحيانًا في وقت الإجازة أتكاسل عن الصلاة فأصلّيها خارج وقتها.

ومع ذلك فأنا في داخلي أشعر بندمٍ كبير وخوفٍ من الله على ما فاتني، وأخشى أن ألقى الله وليس لي عذر في فوات صلوات كثيرة.

أفيدوني ماذا أفعل؛ لعلّ الله يهدي قلبي وأحافظ على صلاتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخونا الكريم: نشكر لك تواصلك وثقتك في إسلام ويب، وجوابًا لك على السؤال يكون كالتالي:

أولًا: لا بد لك من معرفة تعظيم قدر الصلاة، فالصلاة لها منزلة عظيمة في الإسلام لا تعدلها منزلة أي عبادة أخرى، فالصلاة صلة بين العبد وبين ربه، وهي عماد الدين الذي لا يقوم الدين إلَّا به، كما قال رسول الله ﷺ: «رأسُ الأمرِ الإسلامُ وعمودُه الصلاةُ وذروةُ سنامِه الجهادُ في سبيلِ اللهِ» (رواه أحمد).

والصلاة هي أول ما أوجبه الله تعالى من العبادات، وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما جاء في حديث عبد الله بن قرط -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: «أولُ ما يُحاسَبُ عليه العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإن صلحتْ صلحَ سائرُ عملِه، وإن فسدتْ فسدَ سائرُ عملِه» (رواه أحمد).

والصلاة هي آخر وصية أوصى بها رسول الله ﷺ في آخر أيامه، فقال: «الصلاةَ الصلاةَ وما ملكتْ أيمانُكم».

وقد حذرنا القرآن الكريم من الانشغال عن الصلاة وتأخيرها فقال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون:4-5] ، أي: يؤخرونها عن أوقاتها؛ لأن الصلاة لها وقت محدد، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [النساء:103].

وحذرنا القرآن الكريم من إضاعة الصلاة، فقال سبحانه: ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم:59].

فعليك بالمحافظة على الصلاة، وقد أمرنا الله تعالى بذلك فقال: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ [البقرة:238]، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمرو، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، فَقَالَ: «‌مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ ‌نُورًا، ‌وَبُرْهَانًا، ‌وَنَجَاةً ‌يَوْمَ ‌الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ، وَفِرْعَوْنَ، وَهَامَانَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ» (رواه أحمد).

ثانيًا: أوصيك بهذا الدعاء: «‌اللَّهُمَّ ‌يَا ‌مُقَلِّبَ ‌الْقُلُوبِ، ‌ثَبِّتْ ‌قَلْبِي ‌عَلَى ‌دِينِكَ» فكون الإنسان كان محافظًا على الصلاة ثم صار بعد ذلك غير محافظ عليها فهذه مشكلة عظيمة؛ لأن الثبات على الأعمال الصالحة من أهم المهمات في حياة الإنسان.

ثالثًا: السفر لا يمنع الإنسان من تأدية الصلاة، بل إن الشارع الحكيم قد راعى أحوال عباده في أسفارهم، فقد قصرت الصلاة الرباعية إلى ركعتين، وأُبيح الجمع بين الصلاتين في السفر، فلا داعي لأن يكون السفر مدعاة للتكاسل عن الصلاة.

رابعًا: الحذر من إضاعة الصلاة كما في قولك: "أحيانًا كثيرة أضيع صلاة المغرب والعشاء ولا أقضيها"، وكذلك حينما ذكرت أنك في وقت إجازتك تتكاسل عن الصلاة، فعليك بتقوى الله في السر والعلن، واحذر من عدم قضاء ما يفوتك من الصلاة؛ فإنها قاصمة للظهر، ففرق بين عدم المحافظة على الصلاة وبين تركها، وتأمل في الموت والبلى، فإنه مهما امتدت بنا الأيام فلا بد من لقاء الله تعالى، وأنه سبحانه سائلنا، فلنُعِد للسؤال جوابًا، وللجواب صوابًا.

أسأل الله أن يبارك فيك، وأن يُحبب إليك الصلاة في أوقاتها، وأن يجعلنا وإياك من المحافظين على الصلاة، اللهم آمين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً