الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخي يعاني اكتئاباً ويفكر بالانتحار..هل حالته تحتاج لطبيب نفسي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي يبلغ من العمر 18 عامًا، يعاني من الاكتئاب؛ إذ إنه فاقد للشغف ومعنى الحياة، تراوده أحياناً أفكار انتحارية، ويقول إن الله لا يحبه، وإنه لو خُيِّر بين الموت والحياة لاختار الموت.

أعتقد أن السبب يكمن في فشله الدراسي؛ فهو بالرغم من رغبته في الدراسة كباقي أقرانه، إلا أنه دائم التسويف، ويدّعي أنه لا يستطيع السيطرة على نفسه؛ ولذا فإن ضميره يؤنبه بشدة.

بدأنا -نحن كعائلة- بمحاولة علاجه قبل نحو أسبوع، من خلال احتوائه وإشغاله كي لا تسيطر عليه هذه الأفكار، وقد لاحظنا تحسنًا طفيفًا؛ فكل يوم نشغله ونتحدث معه، ولا نتركه يغرق في أفكاره، يمضي ذلك اليوم بشكل جيد.

السؤال الأول: هل تحتاج حالة كهذه إلى طبيب نفسي؟ إذ إن وضعه، كما يتبين من شرحي لحالته متذبذب جداً بين الجانب المظلم والمُشرق.

السؤال الثاني: قمنا بمصادرة الهاتف منه، كونه كان يستمع لأغانٍ كئيبة وسوداوية، ويتحاور مع الشات جي بي تي ويسأله أسئلة مثل: لماذا لا يجوز لي أن أنتحر؟ ولماذا خلقني الله؟ ولماذا لم يسألني الله عن رأيي قبل أن يخلقني؟! إلى آخره.

سؤالي هو: هل قطع الهاتف عنه قرار جيد، أم أنه سيؤدي إلى نتائج عكسية؟ لأنه كالمدمن، يتوسل أحياناً لإعطائه الهاتف، لكننا نحاول إشغاله عنه لينسى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -بنيتي- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وكذلك نشكرك على اهتمامك بأخيك الأصغر، كتب الله له تمام الصحة والعافية.

بنيتي: أي نعم إن حالة الاكتئاب عند الشباب قد تتطلب استشارة الطبيب النفسي، وبالذات في حال أخيك لعدة أسباب:

أولًا: من الواضح أن عنده اضطرابًا عاطفيًا في شكل الاكتئاب السريري بأعراضه المختلفة.
ثانيًا: أن هذا بدأ يؤثر على جوانب مختلفة في حياته.
وثالثًا: ما يتبادر إلى ذهنه من الأفكار الانتحارية، ويجب أن نأخذ هذا الأمر على محمل الجد، ولكن من دون أن نثير ضجة معه.

لذلك أنصحكم باستشارة الطبيب النفسي أولًا ليؤكد التشخيص، وليتعرف على جوانب مختلفة في حياة أخيك، ثم ليضع الخطة العلاجية والتي قد تتطلب علاجًا دوائيًا، بالإضافة إلى ما تقومون به، وهذا أمر طيب من محاولة الأسرة احتوائه وإشغاله، ولكن هذا مهما كان مفيدًا فإنه يبقى محدودًا.

أنا دومًا أقول: يجب أن يقوم العلاج بناءً على تشخيص دقيق، فأولًا -بُنيتي- يجب أن نتأكد من التشخيص: هل هو اكتئاب سريري مع أفكار انتحارية فقط، أم أن هناك أمورًا أخرى؟ لذلك أرجو ألَّا تتأخروا أو تترددوا في استشارة الطبيب النفسي، ليقوم بما ذكرتُه من تأكيد التشخيص، ووضع الخطة العلاجية، وبداية العلاج من أول السطر.

أمَّا فيما يتعلق بما سألتِ من مصادرة هاتفه الجوال؛ فهذا قد يُفيد على المدى القصير، إلَّا أنه لن يفيد على المدى الطويل، وهو سيجد طريقة للوصول إلى هذا الهاتف أو غيره، نعم مشكلة قضاء الوقت الطويل على هذه الهواتف الذكية تعتبر مشكلة علينا حلها، ولكن في موضوع أخيك يبقى التعامل الأفضل مع حالة الاكتئاب له الأولوية.

أدعو الله تعالى لكم براحة البال، وله بتمام الصحة والعافية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً