الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فقدان الثقة بالنفس والارتباك عند الحديث مع الآخرين

السؤال

السلام عليكم

لدي مشكلة وهي بدأت تلازمني قبل سنتين من الآن، وهي فقد ثقتي بنفسي، أي أرتبك عندما أتحدث وأرتبك ويتشتت ذهني، وأبدأ في التعرق، وأحاول أن أنهي حديثي في أسرع وقت.

مع العلم أن هذه المشكلة تحدث حتى عندما أتكلم مع أصحابي الخاصين، بل ومع عائلتي حتى أصبحت انعزل لكي لا أتعرض لهذا الموقف الذي يحدث كلما تحدثت أو كلما تحدث إلي شخص، مع العلم أنني كنت أحب توسيع علاقاتي، وكنت ممن يحبون تكوين العلاقات، ولا أحب العزلة.

أرجو مساعدتي ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد عايش حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

فإن حالتك بسيطة وهي نوع من القلق الاجتماعي أو الذي نسميه بالمخاوف أو الرهاب الاجتماعي، أي أن الإنسان يشعر بشيء من الارتباك وتشتت الذهن وعدم الارتياح وربما التلعثم حين يواجه موقفاً اجتماعياً معيناً أو حين يتحدث إلى الآخرين.

هذه الحالات تكون أكثر شدة حين تكون المواجهة مع الغرباء أو في مواقف اجتماعية عامة، ولكن في بعض الأحيان قد تكون أيضاً موجودة كأعراض القلق والتوتر حتى في حالة التحدث مع الأصحاب ومع من تعرف.

الحالة بسيطة جدّاً، وإن شاء الله هي ليست دليلاً على ضعف شخصيتك، ولا تعتبرها عاملاً رئيسياً لفقدان الثقة في نفسك، فهي مجرد قلق وليس أكثر من ذلك.

أنا أنصحك بأن تطبق تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، هي تمارين جيدة جدّاً لعلاج القلق بصفة عامة، وتساعد في علاج الرهاب حتى الرهاب من هذا النوع.

وتوجد كتيبات وأشرطة كثيرة جدّاً في المكتبات الكبيرة في المملكة، هذه الأشرطة والكتيبات توضح كيفية الاسترخاء، فأرجو الحصول على أحدها وتطبيق التمارين التي ترد بها.

ثانياً: نصيحتي لك هي ألا تتجنب أبداً المواقف الاجتماعية، وعليك أن تتعلم فنيات خاصة وهي أن تنظر إلى الناس في وجوههم، وأن تتبسم في وجوههم؛ لأن (تبسمك في وجه أخيك صدقة)، وكن أنت دائماً البادئ بإلقاء التحية، وكن بادئاً بالسلام، وحين يُلقي عليك أحد السلام ردَّ عليه التحية بأحسن منها.

وعليك دائماً أن تبني في تفكيرك بأن الآخرين لا يقومون بمراقبتك أبداً، وأن شعورك بالخوف والقلق والتوتر ما هو إلا شعور لحظي، ويجب أن تتجاهله، وهو ليس حقيقة.

إذا شعرت بتسارع في ضربات القلب فإن هذا ناتج من عملية فسيولوجية طبيعية، وليس دليلاً أبداً على وجود أي مرض في القلب، كذلك الرعشة والتعرق هي تفاعلات فسيولوجية قد تحدث وقد يستشعرها البعض.

هنالك علاج نسميه بالمواجهة في الخيال، أعتقد أنه ضروري جدّاً: أريدك أن تجلس في مكان هادئ وتتأمل وتتصور أنك في مواجهة عدد كبير جدّاً من الناس، أصدقاؤك وغير أصدقائك، وأنه قد طُلب منك تقديم عرض معين في موضوع معين، وأنت كنت قد حضرت هذا الموضوع بصورة جيدة، وبعد ذلك قمت وأتيت وعرضته عليهم، عش هذا الخيال بكل تأمل وكل تركيز.

ويمكنك أن تنتقل إلى خيال آخر مثل أنك طُلب منك فجأة أن تصلي بالناس في المسجد، عش هذه الخيالات بكل تمعن وتركيز وقناعة بأنها مفيدة.

الأمر الآخر وهو لب الأمر، وهو أن تُكثر دائماً من المواجهات وألا تتجنب المواقف، هنالك مؤشرات علاجية قوية جدّاً تدل أن ممارسة الرياضة الجماعية والمشاركة في حلقات تلاوة القرآن وحضور المحاضرات والدروس والانخراط في الأعمال التطوعية والخيرية، كلها إن شاء الله ترفع كثيراً من مستوى المهارات الاجتماعية وتؤدي إلى زوال الخوف والرهاب الاجتماعي.

بقي أن أصف لك علاجاً دوائياً بسيطاً، هنالك عدة أدوية، والدواء الذي أراه جيداً ومفيداً في حالتك هو عقار يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويعرف تجارياً أيضاً باسم (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، وهو متوفر في المملكة العربية السعودية، أرجو الحصول عليه، وتناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، يفضل تناوله ليلاً بعد تناول الأكل، وبعد انقضاء فترة الستة أشهر خفض الجرعة إلى حبة يوماً بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

الجرعة التي وصفناها لك هي جرعة بسيطة وصغيرة جدّاً، حيث أن هذا الدواء يمكن تناوله حتى أربع حبات في اليوم، ولكني لا أرى أنك في حاجة إلى ذلك.

هذا هو الوضع بالنسبة لحالتك، وهي بسيطة جدّاً، أرجو أن تطبق الإرشادات التي ذكرناها لك، وأرجو أن تتناول العلاج، وإن شاء الله في نهاية الأمر سوف يزول هذا الخوف والرهاب.

ويرجى الاطلاع على هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).

نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله لنا ولك العزيمة على الرشد، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، والفوز بالجنة، والنجاة من النار.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً