الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني لا يصلي وكلما أنصحه تكون ردوده سيئة، فما العمل؟

السؤال

السلام عليكم.

لي ابن بعمر 22 سنة، طالب، لا يصلي أبداً ولا يصوم! علماً بأنه نشأ في عائلة ملتزمة بالدين الإسلامي، وتطبق ما جاء به الشرع والسنة، دون تطرف ولا مغالاة، وكلما أحاول نصحه تكون ردوده جافة، وتنم عن فكر إلحادي وعلماني في أسوأ أشكاله.

يضرب بكل نصائحي عرض الحائط، علماً بأنه ليس عاقاً لي ولا لأمه، بل هو ذو أخلاق عالية، وقبول بين الناس، ومتميز.

انصحوني بكيفية التصرف معه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ rabacha حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فشكر الله لك -أيها الأخ الكريم- حرصك على إصلاح ولدك، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاحه وهدايته، وحالة هذا الولد تستحق أن يقلق الوالد عليه ويحزن لحاله، فهو على خطر عظيم، ومن ثمَّ فإننا نؤكد عليك أن تجتهد في الأخذ بكل الأسباب الممكنة التي لعلها تكون سببًا في هدايته، مع اليقين الجازم بأن الله تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولكن علينا أن نأخذ بأسباب تلك الهداية، ثم نفوض الأمور إلى الله تعالى، وينبغي أن نجتهد في الأخذ بهذه الأسباب كاجتهادنا بالأخذ بأسباب الرزق، أو أسباب الشفاء من المرض، ونحو ذلك.

نقول لك -أيها الأخ الكريم-: أرأيت لو أصيب هذا الولد بمرض مهلك في بدنه -ونسأل الله أن لا يكون ذلك- كيف سيكون سعيك وجدك في سبيل مداواته من هذا المرض؟ .. ونترك لك الجواب وهو معلوم لدينا جميعًا، لكن ينبغي أن نتذكر أن هذه المصيبة التي أصيب بها أعظم وأشد من ذلك المرض لو حصل، فمصيبة الدين أعظم من مصيبة الدنيا، وأي وجه للمقارنة بين ألم الدنيا الزائل وألم الآخرة الباقي؟

لهذا فإننا نؤكد عليك -أيها الأخ الحبيب- ضرورة الجد والحزم في سبيل تخليص هذا الولد مما هو فيه من أفكار السوء، وفاسد العقائد، وإليك بعض الوسائل المعينة على هذا:

1- الترفق بهذا الولد لمحاولة استخراج ما لديه من أفكار تصده عن الصلاة والصوم، هل هو الإلحاد والكفر، أم هو الكسل والتهاون، فمعرفة الداء يسهل الوصول إلى الدواء.

2- إذا كان لدى هذا الولد عقائد فاسدة: كإنكار وجود الله سبحانه، أو استحقاقه للعبادة، ونحو ذلك من العقائد الكفرية؛ فإنه يتعين علاجه بما يقلع هذه الشبه من قلبه، ومن أفضل الوسائل النافعة في هذا:

(أ‌) إطلاعه على البرامج التي فيها بيان الإعجاز العلمي في القرآن الكريم؛ كالحلقات التي ألقاها الشيخ عبد المجيد الزنداني، ففيها إقرار كبار العلماء المتخصصين بصدق القرآن، وأنه ليس من كلام البشر.

(ب‌) يطلب منه أن يقرأ بعض الكتب المفيدة مثل: كتاب (الإسلام يتحدى) لوحيد الدين خان.

(ت‌) الذهاب به لزيارة العلماء المتخصصين في دراسة عقائد الإيمان، والرد على الكافرين، لطرح شبهاته عليهم حتى يسمع الردود عليها.

3- الإكثار من الدعاء له دعاء مضطر، فإن الله يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.

4- الإغلاظ عليه إن لم تفد تلك الوسائل بهجره وترك الانبساط له، لا سيما إن كان ذلك سيرده عن غيِّه.

5- عدم اليأس من تكرير المحاولات مرات ومرات، فإن الله يقلب القلوب كيف يشاء.

إذا لم يجد كل هذا فلا تذهب نفسك حسرات، فإن الله تعالى أعلم حيث يضع فضله، وقد كان ولد نوح -عليه السلام- كافرًا فغرق، وأبى والد إبراهيم -عليه السلام- أن يستجيب لدعوة نبي الله إبراهيم، وفعل مثل ذلك عم النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد قال الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).

لكن عليك بالاجتهاد في الدعاء له، ومحاولة انتشاله مما هو فيه، وتطبيق ما ذكرناه لك.

نسأل الله تعالى أن يهدي هذا الولد، ويردنا وإياه إلى صراطه المستقيم ردًّا جميلاً.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً