الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد سنوات من التفوق أصابني الفتور في الدراسة، أرشدوني للحل.

السؤال

السلام عليكم ورحمة وبركاته.
أنا من المعجبين جداً بموقعكم وبما تقدمونه من نصائح، جعلها الله في ميزان حسناتكم، ونفع بكم الأمة.

سأسرد لكم مشكلتي: أنا فتاة عمري 20 سنة، في السنة الثانية في الجامعة، والتحقت بالتخصص الذي أحبه -والحمد لله-، ولدت وعشت في إحدى دول الخليج، ودرست جميع مراحل المدرسة هناك، كنت متفوقة ومتميزة دائما في جميع الصفوف، ودائما أنال المراتب الأولى على مستوى المحافظة والمنطقة أيضاً، أحرزت نسبة عالية في امتحانات الثانوية العامة -بفضل الله-، واضطررت للسفر إلى بلدي الأم أنا وأهلي كي أكمل دراسة الجامعة هناك، كنت دائمة الحزن بسبب فراقي للصديقات، وللمكان الذي عشت فيه، لكنني مع الوقت اعتدت على الأمر -والحمد لله على كل حال، لعله خير-، لكنني أذهب إلى هناك في الإجازات الصيفية.

المشكلة ليست هنا، المشكلة الكبرى في أنني بعد 12 عاماً من التفوق في المدرسة، لم أعد أدرس، لم تعد تلك الهمة للدراسة تلازمني كالسابق، أصبت بلامبالاة عجيبة، أنا مفرغة في البيت تماماً، وليس لدي ما يشغلني، أجهز المكان جيداً للدراسة، وعندما آتي لأذاكر أشعر بالنفور الشديد وأغلق الكتاب، حتى عند اقتراب موعد الامتحان، لا أذاكر ولا يكون عندي شيء من القلق حيال عدم مذاكرتي للامتحان، ورسبت في السنة الأولى في الجامعة في 3 مواد.

أصبحت متقلبة المزاج، وأشعر أحيانا بكتمة وضيق في النفس، وكسولة جدا حتى في أداء المهام البسيطة الأخرى، وهواياتي الأخرى، ولم أعد أستطع حفظ القرآن -للأسف- كالسابق، بعد أن كنت حافظة للمصحف كاملاً، وكلما حاولت أن أغير من نفسي، أكون متحمسة في البداية، لكن سرعان ما يصيبني الإحباط، وتقل عندي الدافعية، وأؤجل مهامي إلى يوم آخر، فقد أصبحت عادة التسويف ليست موجودة في الدراسة وحسب، بل ملازمة لي في أغلب مهامي وأموري الأخرى.

أرجوكم أريد حلاً جذرياً وعملياً يدفعني للدراسة، ويعيد لي همتي وعزيمتي السابقة، أريد أن أستعيد نشاطي وأتغير للأفضل، وأقوم بالأشياء التي يجب علي القيام بها، من غير تسويف ولا تأجيل، فقد تعبت نفسياً من هذا الوضع، وأهلي كذلك، ودائماً ما أبكي وألوم نفسي على هذا التغيير السلبي في حياتي عندما أقارنه بالماضي، وقد كنت قبل أسبوعين أجريت فحصاً لوظائف الغدة الدرقية، وكان إيجابيا -والحمد لله-.

آسفة جدا على كثرة كلامي، لكنني متأكدة -بإذن الله- أنني سأجد عندكم الحل، وفقكم الله، وسدد خطاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جميلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا والتواصل معنا.

مما سيعينك كثيراً هو الفهم المنطقي لما يجري معك، وأنه ربما نتيجة طبيعية لشيء حدث، وليس خللاً فيك، أو ضعفاً في شخصيتك.

هناك تصنيف لما يسميه علماء النفس: أحداث الحياة، وهي بعض الأحداث الحياتية والتي تسبب بعض التوتر والضغوط، ومنها في أعلى القائمة الطويلة: الانتقال والسفر وفقدان الأصدقاء، وقد مررت أنت بالعديد من هذه الأحدث الحياتية، والتي ربما لو تعرض شخص ما لواحدة منها لربما حصل معه ما حصل معك، وأنت قد مررت بالعديد من هذه الأحدث أو الصدمات، فقد اضطررت لترك البلد والسفر وفقدان الصديقات، وأشياء أخرى كثيرة، عرفنا بعضها وربما لم نعرف الكثير منها.

وأريدك أن تتذكري أن ما تمرّين فيه من بعض المشاعر وفقدان الحماس للعمل والدراسة، إنما هو نتيجة إنسانية نفسية طبيعية لأمر غير اعتيادي، وليس العكس.

فإذا أنت لا تعانين من مرض أو اضطراب أو خلل، وبالتالي فلا تحتاجين لعلاج، وإنما ما يمكن أن يعينك بعد الفهم السابق، هو أن تعتبري عنوان الموضوع: العمل على التكيّف مع الوضع الجديد للحياة، في البلد الذي أنت فيه الآن، فالسؤال ليس ما هو العلاج الذي أحتاجه، وإنما كيف أتكيّف مع الظروف الجديدة، وكيف أرتب أموري بالشكل الأفضل؟

ومما سيعينك هو مراجعة نمط حياتك الجديد، وبرنامجك اليومي، وإعادة ترتيب أولوياتك.

حاولي أن تبدئي من صباح الغد، أن تتخذي خطوات صغيرة، وليست كبيرة، فمثلا اذهبي لمكتبة الجامعة لتدرسي لمدة ساعتين، ولك بعد ذلك أن تكرمي نفسك بوجبة غداء مما تحبين من الطعام، وهكذا استمري في اتخاذ بعض الخطوات البسيطة، ورويدا رويدا ستجدين نفسك - لا أقول قد استعدت نمط حياتك القديم- تقبلتي نمط حياتك الجديد، والذي فيه الخصائص الإيجابية التي تبحثين عنها، ولا بد من بعض الصبر والمثابرة "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"، ولا شك أن الصلاة وتلاوة القرآن، ومن ثم الرياضة والتغذية المتوازنة من الأمور التي تؤدي لتغيير نمط الحياة للأفضل.

وفقك الله، وفتح لك أبواب النجاح والتوفيق، لتصلي لمرحلة تستمتعين فيها بالعمل والنشاط.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • الأردن ريم نوفل

    كأنك توصفي حالتي الآن فتووور بعد النجاح للاسف

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً