الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا المسؤول عن عدم حصولي على الوظيفة أم أنه القدر؟

السؤال

السلام عليكم..

لدي سؤال عن القدر..

أنا شاب حاصل على شهادات دراسية جيدة نوعا ما، فقد انتهيت من الدراسة في 2016، وحصلت على الرتبة الأولى في الصف الذي أدرس به، والسادسة في المؤسسة في تخصص تسيير المقاولات، وإلى هذه الساعة لم أجد وظيفة جيدة تليق بمستوى دراستي.

فهل أنا المسؤول الأول والأخير عن عدم حصولي على وظيفة، ولا دخل للقدر في هذا؟ وهل عدم الأخذ بالأسباب والبحث العميق سبب في ذلك؟ أم أنه مقدر لي أن لا آخذ بالأسباب حاليا؟ وهل للتوفيق من الله عز وجل دخل في هذا؟

أرجو الجواب، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في الشبكة الإسلامية، وردا على استشارتك أقول:

كل شيء في هذا الكون يسير وفق قضاء الله وقدره كما قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ولما خلق الله القلم قال له اكتب قال وما أكتب قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.

الإنسان مخير في تصرفاته وليس مجبرا على أي شيء منها، والله عز وجل بين للإنسان طريق الخير، وأمره أن يسلكها، وبين له سبيل الضلال وأمره أن يتجنبها، قال تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)، (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا).

الله تعالى متكفل بأرزاق العباد كما قال سبحانه: (وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وقال: (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا).

عليك المسئولية في العمل بالأسباب، فإن قصرت كنت أنت المسئول عن نفسك.

ينبغي أن تطرق كل الأبواب لدى المكاتب والشركات المتخصصة، وتقدم طلب التوظيف عبرها وعبر مواقعها، سواء كانت هذه الشركات في داخل بلدك أو خارجه في نفس مدينتك، أو غيرها، فلا أحد يعلم سوى الله أين سيكون مصدر رزقك.

لا تقتصر على مجال تخصصك؛ فقد لا يكون سبب رزقك في هذا المجال، وعليك أن تطرق المجالات الأخرى التي تحسنها.

قَوِّ توكلك على الله، وكن واثقا بأنه هو الرزاق سبحانه، فمن توكل على الله كفاه، ومن اتقاه وقاه، ألا ترى كيف يرزق الله الطير الصغير الضعيف حين توكل على الله، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا).

فتش في نفسك فلعل ذنبا ارتكبته كان سببا في حرمانك من الرزق، وأنا هنا لا أتهمك بشيء، ولكن من باب محاسبة النفس، وكلنا أصحاب ذنوب، فإن وجدت شيئا فبادر بالتوبة والاستغفار، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

اعمل بالأسباب الجالبة للرزق، وأهمها تقوى الله تعالى، والتوكل عليه، وكثرة الاستغفار والتوبة من الذنوب، وبر الوالدين، وصلة الأرحام.

توفيق الله يكون بعملك بالأسباب، بمعنى أن الله يوفقك لعمل السبب التي تحصل فيه على توفيق الله تعالى، كصلة الرحم، وتقواك لله وكثرة استغفارك.

تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، وتحين أوقات الإجابة كما بين الأذان والإقامة والثلث الأخير من الليل، ويوم الأربعاء ما بين الظهر والعصر، وسله أن يرزقك من خزائن ملكه، ويهيئ لك الأسباب، وأكثر من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

آمل أن أكون قد شفيت غليلك وأرحت ضميرك ودرأت عنك ما تجده من إشكال.

نسعد كثيرا بتواصلك ونسأل الله تعالى أن يرزقك وييسر أمرك والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً