الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مترددة في الموافقة على الخاطب، أرجو الإفادة بنصحكم.

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة عمري 28 سنة، تقدم لي شاب من دولة أخرى أقل مني في المؤهل التعليمي، وتختلف عادات المهر والزواج عندهم عن عاداتنا، وهو يرفض أن يتماشى مع عاداتنا؛ لأن الفرق في المهر كبير جدا، وقد لا يتقبل أهلي هذا الأمر.

تكلمت معه عن طريق مواقع التواصل بعلم والدتي، ومن خلال الحديث تبين أنه صاحب خلق ودين ولكن حالته المادية متوسطة جدا.

في البداية رفضته من أجل قلة المهر، ولكنني تذكرت: "أقلهن مهرا أكثرهن بركة"، وتذكرت: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وخفت إذا رفضته قد لا يأتي أفضل منه فأندم على تصرفي.

توصلت معه لحل أن يكتب في العقد كما في بلدنا، ولكنه يدفع لي كما في بلده، ولكنني في حيرة جدا من أمري، فتارة أشعر أنني لا أريده، وتارة أشعر أنني أريد أن أكمل معه، فبماذا تنصحوني؟

أشعر أنني ضائعة جدا وأحتاج إلى من يضع لي النقاط على الحروف، لا سيما أنني لا أجد في عقلي سببا لرفضه، ولكنني أشعر بالقلق بأن يكون في الواقع شخصا آخر غير الشخص الذي في الإنترنت.

أتمنى الرد بشكل سريع فقد أتعبني التفكير، وجزاكم الله خيرا على كل ما تقدمونه، جعله الله في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال قبل إكمال المشوار، نسأل الله أن يُقدر لك الخير، ويُصلح الأحوال، وأن يُحقق لكم في طاعته السعادة والآمال.

طبعًا بداية نحن لا نؤيد فكرة إكمال المشوار بالطريقة المذكورة؛ لأن العلاقة الزوجية تحتاج إلى أن يتعرّف الإنسان بطريقة طبيعية ومن خلال الواقع على شريك العمر، بل من المصلحة أن تتعرفوا إلى أهله ويتعرَّف إلى أهلكم، ومن حقه أن يسأل ومن حقكم أن تسألوا، وعلينا كذلك أيضًا أن نحرص دائمًا على أن يكون الزواج في بيئة تتشابه فيها العادات والتقاليد والممارسات، حتى لو كانت جميع البلاد مسلمة؛ فإن هذه الأشياء لها انعكاسات على الإنسان، وقد ظهر ذلك معك في المشاورات المذكورة.

ولكن إذا تحققت المعرفة، بأن جاء إلى أهلك وسافر من أهلك مَن يتعرّف إليه وثبت أنه على خير ودين وخلق، وأيضًا شاهدك وشاهدتِه وحصل التوافق والميل والانشراح والارتياح؛ فعند ذلك تهون مثل هذه الأمور التي تتعلَّقُ بالعادات والتقاليد وغيرها.

كذلك أيضًا أرجو ألَّا تستعجلي في الرفض ولا تستعجلي في القبول، ونفضّل دائمًا الخيارات التي يكون فيها الزوج من البيئة ذاتها، ويمكن أن تتعرفوا عليه ويتعرف عليه محارمك من الرجال بطريقة صحيحة، فإن الرجال أعرف بالرجال.

وأيضًا مسألة هذا الاضطراب في أنك تُريدين أن تكملي ثم لا تريدين أن تكملي: هذا كله مبني على ما قبله، والزواج لا يصلح أن يُبنى على أرضية فيها تقديم وتأخير، بل لا بد أن يرسخ الإنسان ويثبت على الرأي النهائي، وهنا ينبغي أن يحضر العقل ليُزاحم العاطفة؛ لأن المكان مكان تعقل، فالمرأة قد تتأثّر بالكلام، وقد تتأثّر بالتواصل، والطرف الآخر أيضًا قد يتأثر، والصورة قد لا تتضح بمجرد الكلام وبمجرد ظهور الأخلاق والدين في الإنترنت ووسائل الاتصال أو نحو ذلك.

لذلك أنتم بحاجة فعلاً إلى خطوات عملية، وننصح بأن لا تستعجلوا حتى تحصل هذه الخطوات العملية، وحتى تتأكدوا من عدم وجود عائق أيضًا من ناحية القوانين، ومن ناحية تسجيل الأطفال مستقبلاً وتسجيل الزواج -وغير ذلك من الأمور- يعني: هذه الأمور الشرعية والقانونية كلها لا بد أن نأخذها في الاعتبار قبل أن تكتمل هذه العلاقة، وعليه:

نحن لا ننصح بالاستمرار في التواصل بالطريقة هذه قبل أن تتحوّل إلى رغبة فعلية، وقبل أن يسافر إلى بلدكم أو يُسافر بعض محارمك إليه، حتى ننتقل إلى الخطوة العملية الفعلية التي يتحقق بها التعارف.

وهذه وصيتنا للجميع بتقوى الله -تبارك وتعالى-، ولن تكوني آثمة إذا رفضتيه لأجل هذه الظروف المذكورة، ورزقك سيأتيك من الله تبارك وتعالى، ورزقه سيأتيه من الله -تبارك وتعالى-، وهذا بلا شك من الرزق، لكننا بحاجة إلى أن نتثبت، وإلى أن نتأكد من الأمور التي تُبنى عليها البيوت، فالبيوت تُبنى على المعرفة الفعلية لكل طرف، وتُبنى كذلك على حصول التوافق ولو بأدنى درجاته بين الأُسر.

أمَّا مسألة المهر فالأمر فيها هيّن، فلو أنك قبلت بمهرٍ وأعطاك مهرًا، أو أعطاك المهر وأرجعت له المهر، أو ساعدتِيه في المهر، الأمر في هذا واسع، يعني: لن يكون هناك حرج في هذه الناحية في مسألة المهر، ارتفاعًا أو قلَّة، ومراعاة الأعراف في هذا أيضًا مطلوبة، لكن الاحتيال على الأعراف لا إشكال فيه، يعني: يعطيك رقما معينا ثم يجعل المؤخر غير ذلك ثم تسامحيه بعد ذلك أو تُساعديه في المهر، كل هذه الخيارات متاحة، لكننا نتكلّم عن الرغبة الفعلية والتوافق الفعلي بينكما ليتمّ الزواج.

نسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وشكر الله لك هذا التواصل، ومرحبًا بك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة