الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من أني سريع الحزن بطيء الفرح.

السؤال

السلام عليكم..



أخي الفاضل الدكتور، هل هناك علاج دوائي أو نفسي لمثل حالتي؟ وهل هذه الحالة حالة مرضية مرصودة أم أنها حالة فردية؟

مشكلتي أنني سريع الحزن، عظيم الإحساس به صعب الخروج منه، وبطيء الفرح، معتدل الإحساس به، سهل الخروج منه.

هذه المشكلة تؤرقني، وتكدر علي حياتي، ولا شك أنها تكدر الحياة على من حولي، ولا يعني الإيجاز في طرح معاناتي أنها بسيطة، فلدي من المواقف والأمثلة على مر حياتي ما لا يتسع وقتكم لسماعه.

لذلك حاولت أن أختصر كل ذلك في أقصر عبارة، وتركت لكم الإطناب في طرح العلاج، وأريد أن أسأل سؤالاً: هل هناك مراكز خاصة بالحزن ومراكز خاصة بالسعادة بالمخ؟ وهل هناك إنزيمات خاصة بالحزن وأخرى خاصة بالسعادة؟

لربما يكون لدي خلل بتلك المراكز أو الإنزيمات يحتاج إلى علاج دوائي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أنا أعتقد أن هذه الأعراض التي تحدثت عنها هي نتاج للبناء النفسي لشخصيتك الكريمة، والناس تتفاوت في شخصياتها وفي سماتها وفي تكوينها النفسي.

العلّة المزاجية التي تحدثت عنها علة معروفة، وهي مرتبطة في بعض الأحيان بما يُسمَّى بـ (الشخصية الاكتئابية والشخصية التجنُّبيّة)، وحتى بالنسبة للذين يُعانون من الوساوس أحيانًا قد يكون مزاجهم على هذه الشاكلة.

أخي الكريم: طبعًا الإنسان يمكن أن يطور ذاته، ويمكن أن يُغيّر ذاته؛ خاصة إذا أدرك صعوبات النفس ونواقصها والسلبيات التي تُهيمن عليه.

الإنسان أصلاً هو من الناحية السلوكية عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، علماء السلوك وجدوا أن الإنسان من خلال التدبُّر والتأمُّل والاستغراق الذهني والتفاؤل يمكن أن يُغير الفكرة السلبية ليجعلها فكرة إيجابية، لأن الأمور في أصلها مكونة من ثنائيات، كلُّ شيء في الدنيا له ما يُقابله، الأحزان تقابلها الأفراح، الشر يُقابله الخير، المرض يقابله الصحة، الشمس تقابلها القمر، والليل والنهار، وهكذا أخي الكريم.

نحن بشيء من التدبر والتأمّل يمكننا حقيقة أن نُغير ما بذواتنا، ويجب أن نستصحب ذلك بالأفعال، يعني: الإنسان الذي يُدير وقته بصورة ممتازة ويكون منتجًا، ويكون إيجابيًّا، ويكون مفيدًا، مهما كانت المشاعر ومهما كانت الأفكار سلبية سوف يستطيع أن يُكافئ نفسه مكافئة إيجابية، وهذا المردود الإيجابي يُغيّر المشاعر من سلبية ليجعلها إيجابيةً، وكذلك الأفكار.

طبعًا – يا أخي – هذا الموضوع يحتاج لاستغراق ذهني حقيقي، لتدبُّر، لعمقٍ، لقناعة تامَّة بأهمية التغيُّر، وعدم القيام بأي مساومات مع النفس، أو اللجوء للتأخير وللتسويف. وأفضل طريقة طبعًا الإنسان يكون له جدول أنشطة يومية لا يحيد عنه، أو يضع خارطة ذهنية يُدير من خلالها ما يودُّ القيام به.

هنالك إضافات إيجابية جدًّا تطور الصحة النفسية، منها: ممارسة الرياضة، والالتزام بالواجبات الاجتماعية، الإنسان الذي لا يتأخر عن واجب الاجتماعي أبدًا وقطعًا يعود عليه بخير كبير.

أنا أريدك – أخي – أيضًا أن تقرأ عن الذكاء الوجداني أو الذكاء العاطفي، لأن الذكاء العاطفي يُعلم الإنسان كيف يتعامل مع نفسه إيجابيًا، وكذلك كيف يتعامل مع الآخرين، وهذا قطعًا يعود على النفس بخير كثير.

أخي: بالنسبة لمراكز الحزن ومراكز السعادة: لا نستطيع أن نقول أن هنالك مراكز، هنالك عدة عوامل تتفاعل مع بعضها البعض، ما هو نفسي، وما هو فسيولوجي، وما هو تدبُّري، وما هو كيميائي، وهذا هو الذي يتحكّم في مشاعرنا، حزنًا كان أم فرحًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً