الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس الخوف من الأمراض وكيف أتعامل معه؟

السؤال

عندي وسواس دائم من الميكروبات والأمراض، ودائما أغسل يدي، وأعقمها كذا مرة، والأكل لا بد أن أغسل كل حاجة بشكل جيد جدا، خصوصا بعد الكورونا، ودائما عندي قلق من أن أكون سببا في أذية أحد بمرض، وهذا يجعلني لا أعرف التصرف في بعض المواقف أو أتصرف بشكل خاطئ.

والدتي الله يرحمها توفيت منذ 5 سنين في المستشفى، وسلمتني المستشفى ملابسها، وهي كانت مريضة للغاية تركتها في مخزن خاص بالبيت ونسيتها، ولغاية هذا الوقت أخاف أن أغسلها، فأترك ميكروبات في المغسلة، أو ألمسها وأخاف أن أرميها في الزبالة فيتأذى بسببها أحد.

كيف أتعامل بذلك، أرجو المساعدة، وكيف أتعامل في الوسواس بأني يمكن أكون سببا في أذية أحد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

قطعًا هذه وساوس قهرية، وساوس أفعال ناتجة من أفكار تخوّف التلوث أو إيقاع الأذى بالآخرين، وهذا النوع من الوساوس معروف جدًّا.

أيتها الفاضلة الكريمة: يجب أن تعقدي العزم على علاج هذه الحالة، لا أريدك أبدًا أن تتعايشي مع هذا الوسواس أكثر من ذلك؛ لأن هذا وسواس حقير، وسواس مُعطّل، وربما يتغيّر إلى نوع من الوساوس الأخرى ويكون أكثر قوَّةً وإلحاحًا واستحواذًا ممَّا يُعطّل حياتك.

الأمر بسيط، الوسواس يُعالج من خلال: تحقيره، عدم اتباعه، واستبداله بفكرٍ أو فعلٍ آخر، أنت تحتاجي لبرنامج سلوكي يُسمَّى (التعرُّض مع منع الاستجابة) أي: أن تتعرّضي لمصدر مخاوفك الوسواسية، ولا تستجيبي استجابة سلبية، مثلاً يمكن أن أعطيك مثالاً بسيطًا جدًّا: ضعي يديك في سلة النفايات (القاذورات)، أعرفُ أنك قد لا تقدمين على هذا، لكن هذا التمرين تمرين مُجدي جدًّا، وأتمنّى أن تُطبقيه بمساعدة أحد أفراد أسرتك. دعي أحد أفراد أسرتك يمسك يديك ويضعهما في سلّة النفايات هذه، وبعد ذلك انظري إلى يديك، وفكّري في أنه توجد جراثيم، لكنّك -إن شاء الله- في حفظ الله وفي رعايته، لأن الجسد أيضًا حباه الله تعالى بمناعة ذاتية، فكّري بهذه الكيفية، وبعد انقضاء خمس دقائق ضعي ماءً في كوبٍ واغسلي يديك مرتين، المرة الأولى بالصابون، والمرة الثانية بالماء فقط، ويجب ألَّا يستغرق هذا الغسل أكثر من دقيقتين، وأن تكون كمية الماء محدودة جدًّا، لا تزيد أبدًا عن ثلاثمائة مليلتر.

هذا تمرين بسيط، لكنّه تمرين جيد ومفيد جدًّا، وهذا التمرين يجب أن يُكرر بمعدل ثلاث مرات في اليوم، ويجب أن تُغيّري محتوى التعريض هذا، بمعنى: مرَّةً تكون يديك في سلّة القاذورات، ومرَّةً تضعيها في مصدر آخر للقاذورات، أو في مكانٍ تعتقدين فيه البكتيريا، تعرّض مع منع الاستجابة، مع التحقير.

هذه - أيتها الفاضلة الكريمة - برامج علاجية ممتازة، أعرفُ أنك تحتاجين لأحد يُساعدك في هذا الأمر، نحن نقوم بمساعدة الناس في المستشفيات من خلال تطبيق هذه البرامج، ومفيدة جدًّا، في خلال أسبوع إلى أسبوعين يمكن للإنسان أن يُشفى تمامًا من هذا النوع من الوساوس.

أمَّا موضوع ملابس والدتك - عليها رحمة الله -: فهذا أمرٌ حقيقة لا يخضع للواقع أبدًا، هذا أمرٌ مستحيل، حقّري الوسواس، وأخرجي هذه الملابس واغسليها وطيبيها هذه وأعطيها للفقراء مثلاً، يجب أن تتخذي هذا القرار مباشرة، وأنا أؤكد لك أنه بعد تطبيق هذا التمرين سوف تحسين براحة نفسية كبيرة، أقدمي ولا تترددي.

أنت محتاجة لعلاجات دوائية، هنالك علاجات تخصُّصيّة مفيدة جدًّا، منها عقار (بروزاك)، والذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين) هو الأفضل، في مصر يُوجد منتج يُسمَّى (فلوزاك) منتج محلي وممتاز، تبدئي بجرعة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم تجعليها أربعين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ستين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، بعد ذلك تخفضي الجرعة إلى أربعين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة - أي عشرين مليجرامًا - يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقفي عن تناول البروزاك. دواء فاعل، وجميل جدًّا، وإن قابلتِ طبيبًا نفسيًّا هذا أيضًا أفضل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً