الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من أعراض نفسية وخيالات وأعراض جسدية، فما هي مشكلتي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دكتورنا الفاضل: أتمنى أن تكون بخير وصحة وعافية.
دكتور: أنا أعاني من الخوف من الإصابة بالذهان هذا من جهة، ومن جهة أخرى أعاني من أعراض جسدية، بالنسبة للأعراض النفسية التي أعاني منها تتجلى في الآتي: الغربة عن الواقع كأنني في حلم ولا أستطيع أدراك أين أنا، أشعر كأنني سأفقد عقلي وتأتي لي سيناريوهات كأنني سأقتل وسوف يأخذونني إلى مستشفى الأمراض العقلية، الخوف من أن أقول كلامًا فاضحًا أحيانًا كأنني أسمع أصواتًا وضجيجًا داخل رأسي وعقلي ينتقل من موضوع إلى موضوع، ولدي أفكار متشابكة وغريبة إذا نطقت بها لشخص سيقول هذا مجنون، أحيانًا عندما أكون مع الناس وأرجع للبيت تأتيني أفكار بأنني عندما كنت معهم كنت أقول كلامًا غير منطقي، ولاحظوا علي أعراض المرض العقلي، وأحيانا تأتيني أفكار الأمراض الذهانية، مثلاً بأنهم يضعون لي السم في الأكل، وأخاف من تصديق هذه الأفكار، وعدة أعراض نسيتها.

وأحيانًا لا أتحمل سماع أو رؤية أحد، وأحيانا عندما أشاهد الهاتف كأنني ألمس الأشخاص الذين أشاهدهم، أفكار مزعجة ولا أعرف كيف أفسرها، عندما أذهب للطبيب تأتي لي أفكار تقول لي بأنك تمثل على الطبيب وتتحدث بلباقة لكي تخفي عنه المرض الذهاني، وبالنسبة للأعراض الجسدية هي: دوخة وعدم اتزان، كثرة الجوع وإذا لم آكل أشعر بدوخة، وألم في الرأس، وارتباك وكأنني سأفقد صوابي، وألم في المعدة، أتناول حاليًا ليبراكس منذ سنة، وأخاف عند التوقف عنه أن أفقد عقلي، ومؤخراً الطبيب وصف لي amisulpride 50mg وخفت منه، لأنني أعاني من الخوف الشديد من الأدوية، بسبب تجربتي السيئة، وكذلك أخاف من عدم النوم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنت لديك استشارات سابقة قمنا بالإجابة عن بعضها، والذي بك –أيها الفاضل الكريم– هو حقيقة وسواس قهري، هذه المخاوف مخاوف وسواسية، وأنت في الأصل لديك قلق المخاوف، هذا كان واضحًا وجليًّا جدًّا من خلال ما لمسناه في استشاراتك السابقة، وقلق المخاوف هذا كثيرًا ما يتحوّل إلى قلق مخاوف ذو طابع وسواسي، ولذا أنت لديك هذه الظاهرة، ظاهرة الخوف من الأمراض العقلية والذهانية والنفسية بصفة عامة، ولديك بعض الأعراض العضوية التي هي أيضًا أعراض نفسوجسدية، بمعنى أنه ليس له مُسبِّبٍ مرضيٍّ عضويٍّ أصاب جسدك.

أخي الكريم: الوساوس فيما يتعلَّقُ بمحتواها تكونُ متعلَّمة من بيئتنا، الإنسان الذي يكثر من الاطلاع على الأمراض وأعراضها ويقرأ عن ذلك كثيرًا ربما يبدأ يُوسوس حولها، وهكذا، لذا نجد الوساوس الدينية كثيرة في مجتمعاتنا؛ لأن بيئتنا بيئة متديّنة، بيئة إسلامية، فمحتوى الوساوس هو حقيقة ناشئ ممَّا نتعلَّمه في بيئاتنا.

أيها الأخ الكريم: إذًا هذه وساوس ومخاوف متداخلة مع القلق، وعلاجها يأتي من خلال تحقيرها، تجاهلها، عدم الاهتمام بها، وفي ذات الوقت يجب أن تكون هنالك بدائل لتقوم بشغل الحيز الفكري لديك كبديل لهذه الوساوس، والبدائل تكون من خلال: تجنُّب الفراغ الزمني والفراغ الذهني، وذلك من خلال: أن تُحسن إدارة وقتك، وأفضل الطرق لأن يكون الإنسان لديه إدارة ممتازة لوقته هو من خلال: تجنّب السهر، والاستيقاظ مبكّرًا، ويكون الإنسان نشطًا وفي حالة ممتازة من التركيز والمزاج الطيب، وقطعًا أداء صلاة الفجر في وقتها سوف تكون إضافة عظيمة للصحة النفسية، حيث أن الإنسان سوف يشعر بالمردود الإيجابي الكبير بعد الصلاة، لأن من أدى صلاة الفجر في جماعة فهو ذِمّة الله ومعيّة الله، ومن ثمّ تنطلق في الحياة.

وأنت ذكرت –أخي الكريم– في مكان الوظيفة أنك عاطل، أنا أقول لك: لابد أن تبحث عن عمل، لأن قيمة الإنسان في العمل، ولا يمكن للإنسان أن يُدير وقته بصورة طيبة إذا لم يكن له عمل، فإذًا اسعى في أن يكون لك عمل، وهذه نقطة مهمّة جدًّا.

أن تمارس الرياضة، أن تتواصل مع أصدقائك، وأن تنضمّ مثلاً لعمل تطوّعي، أن يكون لك مشروع لحفظ القرآن أو أجزاء من القرآن، وذلك من خلال الانضمام لأحد حلق القرآن، هذه كلها تساعدك في إدارة وقتك.

وأنصحك بعدم التردد الكثير على الأطباء، لكن ليس هنالك ما يمنع أن تكون هنالك فحوصات دوريّة، مثلاً مرة واحدة كل ستة أشهر اذهب إلى طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني من أجل الفحص وإجراء الفحوصات الروتينية، هذا –يا أخي– يعطيك شعورًا كبيرًا بالطمأنينة ما دامت حياتك أصلاً أصبحت صحيّة من خلال ممارسة الرياضة، وانضباط التغذية، وحسن إدارة الوقت، والتفكير الإيجابي.

هذا هو الذي أنصحك به، وبالنسبة للعلاجات الدوائية التخصُّصية لعلاج قلق المخاوف الوسواسي: عقار (سيرترالين Sertraline) هو الأفضل، الـ (أميسولبرايد Amisulpride) يُساعد، لكن السيرترالين هو الدواء الأنجع والدواء الأفضل، علمًا بأنه سليم وغير إدماني، فأرجو أن تبدأ في تناوله مباشرة، وسوف أصف لك جرعاته وطريقة تناوله والمدة الزمنية المفروضة.

حبة السيرترالين تحتوي على خمسين مليجرامًا، أرجو أن تبدأ في تناول نصفها –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها مائة مليجرام –أي حبتين– يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بالنسبة للأميسولبرايد كما ذكرت لك هو دواء ليس أساسيًا، لكن لا بأس أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهر، لأنه سوف يُساعد في التحكم في القلق وكل الأعراض التي ذكرتها، لأنه سريع الفعالية، لكنه لا يُعالج الوساوس كما هو مطلوب.

الـ (ليبراكس Librax) دواء بالفعل يُساعد في أعراض القولون العصبي، كما أنه يُحسّن النوم، لكن قد يؤدي إلى تعوّد. حين تستمر على السيرترالين لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر سوف تحسّ بتحسُّنٍ كبير، وهنا يمكنك أن تتناول الليبراكس يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً