الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غياب المشاعر بين الزوجين وتأثيره على الحياة الزوجية

السؤال

أنا فتاة متزوجة منذ أربعة أشهر، وحامل ولله الحمد، وأعاني من وحدة غير عادية، حتى أثناء وجود زوجي في البيت، وقد شعرت بالحزن منذ أول أسبوع من زواجنا بسبب مشاكل مع زوجي، وأعيش في صدمة لم أكن أتصورها، حيث لا توجد مشاعر أو محادثة كأي زوجين.

علماً بأن زوجي كان في أيام الخطبة لديه مشاعر وحب وحنان، ولقيت فيه كل ما دعوت ربي به، وكنت قبله في الأسرة أشعر بالوحدة حتى مع أهلي، وكنت في غاية السعادة بأن ربي وهبني هذا الرجل، ولكنه تغير بعد الزواج، ولا أعلم ماذا حدث له، وأنا أثق فيه وأعرف أني الوحيدة في حياته، إلا أني أشعر أني لم أفرح كأي عروسة منذ أول يوم، ولم أتصور أن أكمل حياتي دون مشاعر ولا حنان، وأود أن أتخلص من الرومانسية التي تحيا بداخلي لأني لم أجدها معه، فانصحوني.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يدخل السعادة والسرور إلى قلبك وبيتك وزوجك، وأن يبارك لك في زوجك وأن يبارك له فيك، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يمنَّ عليك بطفل جميل طيب مبارك يكون من عباد الله الصالحين وأوليائه المقربين.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن الظروف التي نشأت فيها وتربيت عليها ما زالت آثارها موجودة معك في حياتك الزوجية، فكونك مكثت في البيت واحدا وعشرين عاماً ونصفا وكانت طبيعتك هي الشعور بالوحدة حتى مع أهلك، فهذا لعله ما زال موجوداً إلى الآن وهو السبب الذي كلما أتيحت الفرصة لوجوده فإنه يوجد بسرعة؛ لأنه موجود وإن كان ليس بالصورة الكبيرة التي كان عليها، وهذا أحد المبررات لوجود هذا الشعور السلبي بالوحدة الغير عادية، حتى مع زوجك رغم أن أملك وطموحك أن تكون المسائل على خلاف ذلك، وعشت في مرحلة الخطوبة كل مشاعر الحب والعطف والحنان ووجدت فيه ما دعوت الله تعالى أن يكون فيه سابقاً، إذن فهو ليس أيضاً مثلك، بمعنى أنه ليس عنده مشكلة مع الوحدة ولا يعاني منها كما تعانين، ولكن المشكلة تبقى عندك شخصياً من أنك تعودت ذلك، فكلما حدث هناك من نوع من عدم الانسجام رجعت لنفس العادة.

فأنت تحتاجين إلى مقاومة هذه الأفكار، ومقاومة الشعور بالوحدة، وحاولي أن تبددي هذه الوحدة بأي عمل آخر وتستفيدين من هذا الوقت؛ لأن الوحدة معناها الشلل التام عن الإنجازات الكبيرة الرائعة، والذي ينفي الوحدة إنما هو منهج جديد لحياتك يملؤ عليك هذا الفراغ، وهذا تستطيعينه بسهولة، إما بالدخول على المواقع الإسلامية الرائعة لتتعلمي منها أو بقراءة كتب واطلاع على كتب تأخذ منك وقتاً كبيراً، خاصة فيما يتعلق بفقه السيرة أو بالسير والتاريخ؛ لأن هذه أمور محببة تستطيعين من خلال هذه المعلومات أن تقضي على نسبة الفراغ إلى حد كبير، فتتضاءل عندك نسبة الفراغ الذي يؤدي إلى الشعور بالوحدة.

وحاولي أن تصبري في المراحل الأولى حتى تتولد عندك محبة القراءة وأن تقرئي في الكتب الشرعية والكتب الأدبية، ولا مانع أن تضيفي مجالات أخرى وأن تجعلي كل وقتك مستثمر فيما يتعلق بالفراغ، فتقرئي كل شيء حتى لا يتمكن الفراغ منك وتتمكن منك الوحدة مرة أخرى، وهذا برنامج لا بد أن تؤديه وأن تقومي به، ولا تقصري فيه، ولا تتخلي عنه، حتى تخرجي فيما بينك وبين نفسك.

وينبغي عليك سؤال زوجك عن أسباب ضياع المشاعر الجميلة والعطف والحنان والكلمات الجميلة التي كانت تقال في مرحلة الخطوبة، فاجلسي معه جلسة مصارحة وتكلمي معه، فهذا يؤدي إلى تقوية المودة بينكما، وبيِّني له أنك سعيدة بوجودك معه، ولكن كانت السعادة شديدة عندما كنت في بيت أهلك نتيجة أنك كنت تنتظرين هذه الكلمات، والمفروض أننا نحن الآن نكون أكثر سعادة؛ لأننا أصبحنا زوجين في مكان واحد نأكل طعاما واحدا وننام في فراش واحد، فالأصل أن فرص السعادة أكثر.

وانظري في الأسباب التي يقولها وناقشيه بلطف، وإذا كان السبب منك فحاولي أن تتخلصي منه وأن تبدئي صفحة جديدة في معاملات جديدة حتى تتدفق إليك هذه الكلمات الرائعة، وإذا كان السبب منه فساعديه أن يتخلص منها ليعطيك تلك الكلمات الحانية الجميلة التي تضفي على الحياة البهجة والسرور.

وأنصحك بالدعاء، فتوجهي إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء أن الله سبحانه وتعالى يديم بينك ويبن زوجك المحبة والوئام، ويوفقه إلى أن يقول لك هذا الكلام الطيب الذي يحرك مشاعرك ويثير في نفسك الشعور بالانتماء للأسرة والمحبة إلى أطرافها والرغبة في بقائها واستمرارها، وعليك بالصبر ومصارحة زوجك بأدب ورفق ولين حتى تعرفي الأسباب، وبيني له حاجتك إلى هذا النوع من الكلام.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً