الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تشخيص قلة التركيز وضعف الذاكرة مع كسل وحب للنوم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

عندي مشكلة منذ فترة، وهي قلة التركيز وضعف الذاكرة المرتبطة بعملية التركيز، ومعها الإحساس بالكسل وعدم النشاط، وقد فسّرت ذلك بالضغوط التي مررت بها في تلك الفترة من ضغوط نفسية والتزامات دراسية إلى آخره.

ولا أستيقظ يوماً نشيطا بغض النظر عن وقت ومدة النوم باليوم السابق، وأصبحت نشيطا إلى حد ما - لا أريد العودة للنوم لمدة ساعتين مثلاً - فإني لا أستمر لأكثر من ذلك، وأشعر بالكسل والرغبة في النوم مرة أخرى.

وقد حاولت تنظيم يومي بالاستيقاظ مبكرا، ولكن إن تم ذلك واستيقظت مبكراً فلا أستمر نشيطا لأكثر من ساعتين، وأحس بالرغبة في النوم مرة أخرى، وبالتالي كسل وعدم تركيز، وقد فكرت في اللجوء إلى شرب القهوة للتغلب على مشكلة النوم، فأول ما أفعله هو أن أشرب كوبا من القهوة فور الاستيقاظ، للتغلب على الإحساس بالنوم، فظللت نشيطا لمدة أربع ساعات متتالية، ثم فكرت اليوم في شرب فنجانين من القهوة واحدا فور الاستيقاظ، والباقي بعده بأربع ساعات، فماذا ترون سبباً للمشكلة؟ وهل ترون القهوة حلاً مناسبا؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن فقدان الطاقات الجسدية كثيراً ما يكون مصحوباً بفقدان الطاقات النفسية، وهناك أسباب عضوية وأسباب نفسية، فمن الأسباب العضوية التي قد تؤدي إلى الشعور بالتكاسل وفقدان النشاط هو ضعف الدم أو ما يسمى بفقر الدم، والذي يسمى بالأنيميا، كما أن عجز إفراز الغدة الدرقية قد يؤدي أيضاً إلى شعور بالتكاسل وفقدان النشاط.

أنت لست بالعمر الذي يحدث فيه عجز الغدة الدرقية، ولكن سيكون من المستحسن أن تقوم بإجراء فحص للدم للتأكد من قوة الدم ونسبة (هيموجلوبين Hemoglobin)، وكذلك من خلال هذا الفحص سوف يحدد نشاط الغدة الدرقية، وإذا كانت هناك أي علل أو نواقص في مكونات الدم أو في إفراز الغدة الدرقية، فهذا علاجه سهل، وهناك أدوية تعويضية معروفة في هذا السياق.

أما بالنسبة للتكاسل والشعور بفقدان النشاط من الناحية النفسية، فالاكتئاب النفسي هو من الأسباب الشائعة في ذلك، ونحن دائماً نهتم بهذا الأمر كثيراً؛ لأن الاكتئاب أصبح في بعض الأحيان لا يأتي في صورته المعروفة، والتي تتمركز حول الشعور بالكدر والسوداوية وعسر المزاج، إنما قد يأخذ مناحي أخرى، مثل فقدان الطاقات النفسية والجسدية.

هناك جانب آخر: وهو الجانب الاجتماعي، فربما يكون الإنسان كسولا بطبعه، ولا يستشعر أهمية الأمور، ويفتقد القدرة على الترتيب في إدارة وقته، والإنسان الذي يكون لديه نوع من الفراغ أو الخواء الداخلي في نفسه قد يحس بمثل هذه الصعوبات، أنا قطعاً لا أقصدك، ولكني قصدت أن أوضح لك الصورة بشكل متكامل.

الذي أراه -بجانب ما نصحتك به من فحوصات- هو أن تمارس تمارينا رياضية يومية، هذه وجد أنها ذات قيمة عالية جدّاً، وابدأ بدايات بسيطة، كربع ساعة مشي في اليوم الأول، وبعد ذلك ارفع المعدل إلى عشرين دقيقة، وهكذا حتى تصل إلى ساعة على الأقل، لا شك أنك في الأيام الأولى سوف تحس بآلام وربما شيء من التكاسل، ولكن بعد ذلك إن شاء الله سوف تنطلق انطلاقات ممتازة جدّاً.

الشيء الآخر هو: مهما كانت الظروف لابد أن تثبّت وقتاً للنوم الليلي؛ لأن النوم الليلي هو النوم الصحي، وهو الذي تنتظم فيه المعادلات البيولوجية داخل الجسم من إفراز للهرمونات ونشاطات عصبية، نعم فالليل لباس ولا شك في ذلك، فاحرص على النوم الليلي، ويفضل أن يكون النوم أيضاً في الظلام، هذا هو الأفضل من الناحية الصحية.

بالنسبة لتناول الشاي والقهوة وخلافهما، هذا يساعد ونعتبره أمراً إضافياً، ويجب أن لا تعتبره أمراً أساسياً، الأمر الأساسي هو أن تتأكد من قوة الدم لديك وكذلك الغدة الدرقية، وأن تمارس الرياضة، وأن تنظم وقتك، وأن تذهب إلى الفراش في وقت معلوم، والنوم الليلي هو النوم الأفضل والصحيح، لا مانع أن تتناول حتى فنجانين من القهوة في اليوم، وهذا يكفي جدّاً.

الاستيقاظ المبكر أيضاً لصلاة الفجر يجعل الساعة البيولوجية لدى الإنسان منتظمة وتتقبل اليوم بنشاط أكثر وحيوية أكبر، وهذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم فيما معناه: (يعقد على رأس أحدكم إذا نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإذا ذكر الله انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت الثانية، فإذا صلى ما كتب له انحلت عقدة فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإذا لم يفعل ذلك أصبح خبيث النفس كسلان).

بقي أن أصف لك دواءً هو عقار يعرف علمياً باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجارياً باسم (بروزاك Prozac)، هذا الدواء في الأصل يُستعمل لعلاج الاكتئاب، وأنا منطلق من فرضية أنه ربما يكون لديك شيء من عسر المزاج الخفي ظهر في هذه الصورة الإكلينيكية التي وصفتها لنا، وإن شاء الله لن نخسر أبداً، وإنما سوف تكسب من الناحية الإكلينيكية بتناولك لهذا الدواء، خاصة أنه دواء سليم غير إدماني وفعال، ويزيد من الطاقات النفسية والجسدية.
تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، وهذا يكفي، وهذه جرعة صغيرة وإن شاء الله سوف تكون فاعلة جدّاً.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج عدم التركيز سلوكياً في الاستشارات التالية: (226145 - 264551)، نسأل الله أن يزيل عنك هذا الكسل ويزيل عنك كل هم وغم، وأن يفرج عنك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ابراهيم

    بجد بارك الله فيكم

  • مصر احمد

    شكرا

  • مصر اسراء مصر ^_^

    بجد ميرسي اووووى نصائح فعلاً قيمة

  • مصر سوسو

    بارك الله فيك ما أجمل ديننا

  • مصر محمدفتحي

    بارك الله فيك اخي الكريم وجعله في ميزان حسناتك وجزاك الله خيرا

  • رومانيا موسى الاسمري

    نسال الله الشفاء العاجل فمن خلقنا من عدم ليس بعاجز ان يشفينا من دون العلاج وتوكلنا على الله

  • السعودية احمد العليمي - اليمن

    ما شاء الله معلومات ونصائح ممتازه
    جعلها الله في ميزان من كتبها.

  • ألمانيا محمدخشمان

    جزاكم الله كل الخير

  • السودان إبراهيم الصادق....السودان

    شكرآ جزيلآ وبارك الله فيكم علي هذه الصائح الجميله ربنا بضعها في ميزان اعمالكم انشاءالله

  • مصر Omaymaalam

    جزاك الله خيرا

  • احمد رسلان

    جزاك الله خيرا

  • السودان أسيا

    فعلا نصائح قيمة

  • جنوب أفريقيا ابراهيم المغرب

    جزاكم الله خير الجزاء وزيادة فالذين والمعرفة شكرا لكم عن النصيحة القيمة.

  • محسن اليافعي

    جزاك الله خيراً

  • سيف

    بارك الله بكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً