الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يكفي لقبول الخاطب أن لا يعلم عنه انحراف في دينه أو سلوكه.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله سلام الإسلام الذي ننتمي إليه جميعا كنا عربا أو عجما لقد قرأت فتوى من مركز إفتائكم الموقر صاحبة الرابط وقد أذاني كثيرا جوابكم على السؤال الذي لم يعتمد على معرفة من هم أصحاب هذه القومية وماهي ظروفهم إن سؤال الأخ كان سؤالا مقتضبا لا يشرح أبعاد الموضوع ولا يظهر أسباب الرفض به الرسول عليه أفضل السلام قال _إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه _ وهو قول بلا ريب حق ولكن هل كل إنسان في الدنيا على دين وخلق؟؟؟ أقصد بقولي إنه لا أحد في هذه الدنيا يملك الدين والخلق بنسبة 100% قد تتفاوت النسبة بينهما ( يا أخي ائتني بمثل بلال بن رباح الحبشي أو زيد بن حارثة وأنا أزوجها له ) ولكن ما أريد القول إنه نحن شعب صغير يقدر ب 50000 نسمة نساء ورجالا وأطفالا وعجائز ومن هنا نحن نعرف بعضنا البعض جيدا ونعرف من منا على صواب ومن منا على خطأ ولذلك أساليب الزواج عندنا سهلة إذا كان الزواج من نفس الملة وحين يتقدم شاب عربي أو غير عربي للزواج من فتاة شركسية يقابل بكل ترحاب ولا يجابه بالعنف ولا يغلظ عليه هنا تكمن المشكلة نحن شعب مترابط وليس لنا علاقات بالقوميات الأخرى كثيرا لذلك إذا أتاني شاب ليطلب يد ابنتي أنا لا أعرف أصله ولا أعرف عنه شيئا ولا أستطيع أن أقر أنه إنسان على دين وخلق أم لا فكيف أزوجه؟؟ لأنه كما تعلمون أن الإنسان لا يمكن معرفته كما ورد بالأثر من خلال مراقبته او السؤال عنه في أهله( كما حصل مع سيدنا عمر رضي الله عنه( كما اذكر القصة ) عندما أتوه بشاهد فسأل هل جربته في سفر قال لا ,هل جربته في جيرة قال لا , هل جربته بالدرهم والدينار قال لا قال فذهب واتئني بشاهد تعرفه ) نحن شعب مسلم جاهد وقاتل مع غيره من الأمم المسلمة ولم يكن يوما في خندق ضد الإسلام فأناشدكم لا تخرجونا من الدين بسبب شخص لم يقل لكم كامل القصة وأراد أن يضر بكم قوما يعاديهم إني أعلم مدى جهل شعوب كثيرة بالشركس والشراكسة وقضاياهم وعاداتهم وتقاليدهم ولكن الشركس لديهم مفكروهم وعلماؤهم ومن أبرزهم الشيخ جودت سعيد ( حفظه الله ) ومن لا يعلم الشيخ جودت فهل ظهر منه من ما يقال عنا من العنصرية ؟؟ إخوتي في الله أنا أكتب ما أكتب لأنه قد استخدمت الفتوى المشار إليها سابقا في تكفير الشراكس وتخطيئهم وإخراجهم من الدين وأنا من خلال معرفتي بهذا الموقع وما ينشر من فائدة من سنوات علمت أن هذا الأمر غير مقصود من قبلكم ولكنه استخدم من قبل الغلاة في غير مكانه ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

مدار التفضيل في الإسلام إنما هو على تقوى الله، ومن رفض التزويج لمن توفرت فيه معايير الكفاءة فإنه لا يأثم؛ لأن الأمر بالتزويج الوارد في الحديث الشريف محمول على الندب.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا أن مدار التفضيل والتشريف في الإسلام هو على الإيمان والتقوى، كما قال سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ{الحجرات: 13}.

وقال صلى الله عليه وسلم: لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب. رواه أحمد.

وقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية من زيد بن حارثة مولاه، وزوج فاطمة بنت قيس القرشية من أسامة وهو وأبوه عتيقان، وتزوج بلال الحبشي من أخت عبد الرحمن بن عوف الزهرية القرشية مع أنه حبشي أسود، وغير ذلك كثير...

ثم اعلم أن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، كما رواه الترمذي وغيره، ليس معناه أن يكون الخاطب مرضيا في سلوكه بنسبة 100%، ولو كان الحال كذلك لما ساغ أن يزوج شخص في هذا الزمان. وإنما يكفي أن لا يعلم عن الخاطب انحراف في دينه أو سلوكه.

ثم هذا الذي نسبته لـ عمر من أمر التحري في التزكية إنما يتعلق بالشهود عند التقاضي، وهو أمر يجب فيه التحري كثيرا لما يتعلق به من تأكيد الحقوق أو نقلها.

ثم ينبغي أن تعلم أيضا أن الدين لا يلزم المرء بتزويج الخاطب ولو كان مرضيا في دينه وخلقه؛ والأمر بتزويجه الوارد في الحديث محمول على الندب.

وننبه السائل الكريم إلى أننا نعرف لإخواننا الشراكسة فضلهم العظيم على الإسلام والمسلمين ونعتز بهم ولم ننسب لهم أي سوء، غير أننا نصحناهم بما نصحنا به القبليين من العرب وغيرهم وهو أسلوب خال من أي تشنيع أو تشهير، لم نزد فيه على بيان أن الفضل في الإسلام للأتقى والأكثر تمسكا بالدين وهو ما يجب أن يكون معيارا للقبول بالخاطب والمخطوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني