الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حول المناظرة بين ابن تيمية وابن عطاء الله

السؤال

هل المناظرة الموجودة في كتب التاريخ بين شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عطاء الله صحيحة أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المناظرة تطرح بكثرة في المنتديات الصوفية والشيعية، وينسبونها -كذبا وبهتانا- إلى ابن كثير، وابن الأثير كمصادر تاريخية، مع أن ابن الأثير قد مات قبل أن يولد شيخ الإسلام ابن تيمية بأكثر من ثلاثين سنة، وبين وفاته وبين زمن المناظرة المزعومة نحو قرن من الزمان.

وأما ابن كثير، فلم يذكر شيئًا من ذلك، وإنما قال ابن كثير في أحداث سنة 707 هـ: استهلت.. والشيخ تقي الدين ابن تيمية معتقل في قلعة الجبل بمصر.. وفي يوم الجمعة رابع عشر صفر اجتمع قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة بالشيخ تقي الدين ابن تيمية في دار الأوحدي من قلعة الجبل، وطال بينهما الكلام ثم، تفرقا قبل الصلاة، والشيخ تقي الدين مصمم على عدم الخروج من السجن، فلما كان يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأول، جاء الأمير حسام الدين مهنا بن عيسى ملك العرب إلى السجن بنفسه، وأقسم على الشيخ تقي الدين ليخرجن إليه، فلما خرج، أقسم عليه ليأتين معه إلى دار سلار، فاجتمع به بعض الفقهاء بدار سلار، وجرت بينهم بحوث كثيرة، ثم فرقت بينهم الصلاة، ثم اجتمعوا إلى المغرب، وبات الشيخ تقي الدين عند سلار، ثم اجتمعوا يوم الأحد بمرسوم السلطان جميع النهار، ولم يحضر أحد من القضاة، بل اجتمع من الفقهاء خلق كثير.. وطلبوا القضاة، فاعتذروا بأعذار بعضهم بالمرض وبعضهم بغيره، لمعرفتهم بما ابن تيمية منطو عليه من العلوم والأدلة، وأن أحدا من الحاضرين لا يطيقه.. وبات الشيخ عند نائب السلطنة، وجاء الأمير حسام الدين مهنا يريد أن يستصحب الشيخ تقي الدين معه إلى دمشق، فأشار سلار بإقامة الشيخ بمصر عنده ليرى الناس فضله وعلمه وينتفع الناس به ويشتغلوا عليه..

قال البرزالي: وفي شوال منها شكا الصوفية بالقاهرة على الشيخ تقي الدين وكلموه في ابن عربي وغيره إلى الدولة، فردوا الأمر في ذلك إلى القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء، فلم يثبت عليه منها شيء... ثم إن الدولة خيروه بين أشياء، إما أن يسير إلى دمشق أو الإسكندرية بشروط، أو الحبس فاختار الحبس. اهـ. من البداية والنهاية (14 ، 44 ،45)، وذكر نحو ذلك ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة ص 343، وابن حجر في الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1 / 173.

وهذه المناظرة المزعومة ذكرتها جريدة المسلم الصادرة عن العشيرة المحمدية بالقاهرة، وذكرها السيد الجميلي في كتابه مناظرات ابن تيمية مع فقهاء عصره، كلاهما نقلاً عن الكاتب المسرحي اليساري عبد الرحمن الشرقاوي في كتابه ابن تيمية الفقيه المعذب ص 202: 210.

وقد ذكر الشرقاوي ما سبق نقل بعضه عن ابن كثير مع زيادات كثيرة لا أدري من أين أتى بها، دون إحالة لأي مصدر تاريخي، وهذا شأنه في الكتاب كله انظر ابن تيمية الفقيه المعذب ص 193: 200.

وقد سبق ذكر نبذة عن ابن عطاء الله السكندري وعن كتابه الحكم في الفتوى: 57583، والفتوى:57513.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني