الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

قرأت فتوى حضراتكم في قصة سيدنا عمر بن الخطاب مع الأعرابي القاتل (فتوى رقم 115297). وعلمت أنها لم ترد إلا عند أهل التاريخ ولا يمكن الحكم عليها بالصحة أو الكذب. ولكني صراحة كنت متوقعا من أول ما قرأت القصة بأنها كاذبة، بسبب حكم سيدنا عمرو رضي الله عنه- بقتل الأعرابي، لأنه لم يقتل الرجل الآخر إلا بعدما بغى القتيل على أرض الأعرابي، وبعدما حذره وزجره ولكنه لم ينزجر. ولكن بعد قراءتي لفتواكم بارك الله فيكم، انتابني هذا السؤال:
هل لو دخل رجل بدابته في بيتي أو أرضي أو ممتلكاتي، وزجرته ليخرج فلم ينزجر ولم يخرج، فقاتلته حتى قتلته، هل عندها يقام علي الحد ويؤمر بقتلي؟ وأين ذلك من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن عدي على مالي ؟ قال: فأنشد بالله قال: فإن أبوا علي، قال: فأنشد بالله قال: فإن أبوا علي، قال: فأنشد بالله قال: فإن أبوا علي قال: فقاتل فإن قتلت ففي الجنة، وإن قتلت ففي النار.
الراوي: أبو هريرة رضي الله عنه، المحدث: الشيخ الألباني عليه رحمة الله، الدرجة: صحيح.
أفتوني بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنشكر السائل الكريم على قراءة فتاوانا وإبداء ملاحظاته عليها.

وبغض النظر عن القصة المشار إليها، فإن حكم عمر رضي الله عنه المذكور فيها لا يقتضي أن القصة مكذوبة؛ لأنه موافق للشرع ولا يختلف مع الأحاديث الواردة في هذا الموضوع ومنها ما أشار إليه السائل.

فعمر حكم بالقصاص على الشاب (الأعرابي) لأنه أقر بقتل الشيخ الذي قتل فحل إبله بسبب أن بعض الإبل تناول من أشجار حديقة الشيخ كما في نص القصة حيث يقول: فأفضت بي بعض طرائقها (الأرض) إلى المسير بين حدائقها، بنياق حبيبات إلي، عزيزات علي، بينهن فحل كريم الأصل، كثير النسل، مليح الشكل، حسن النتاج، يمشي بينهن كأنه ملك عليه تاج. فدنت بعض النوق إلى حديقة قد ظهر من الحائط شجرها، فتناولته بمشفرها، فطردتها من تلك الحديقة. فإذا شيخ قد زمجر، وزفر، وتسور الحائط، وظهر وفي يده اليمنى حجر، يتهادى كالليث إذا خطر، فضرب الفحل بذلك الحجر، فقتله وأصاب مقتله. فلما رأيت الفحل قد سقط لجنبه وانقلب، توقدت في جمرات الغضب، فتناولت ذلك الحجر بعينه، فضربته به، فكان سبب حينه، ولقي سوء منقلبه، والمرء مقتول بما قتل به بعد أن صاح صيحة عظيمة، وصرخ صرخة أليمة، فأسرعت من مكاني فلم يكن بأسرع من هذين الشابين، فأمسكاني وأحضراني كما تراني. فقال عمر: قد اعترفت بما اقترفت، وتعذر الخلاص، ووجب القصاص، ولات حين مناص ...

وعلى ذلك.. فالقتيل لم يبغ على القاتل ولم يدخل أرضه... وإنما قتله بسبب طرده للإبل عن حديقته وقتل فحلها، ولهذا حكم عمر بقتل القاتل.

وأما من أراد الاعتداء على شخص أو دخول بيته والاستيلاء على ممتلكاته أو الاعتداء على أهله.. فهذا مهدور الدم إن قتل وهو الذي وردت فيه الأحاديث الصحيحة، ومنها ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار.

وقد بينا حكم الصائل بالتفصيل وأقوال العلماء في الفتويين: 43310، 36610.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني