الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساوس والخواطر التي لا تستقر معفو عنها

السؤال

مشكلتي كالتالي: تداهمني أفكار سيئة في العقيدة فينتابني شعور بالكفر، تلازمني هذه المشكلة طيلة اليوم وفي كل مرة أبادر بالنطق بالشهادتين، لا يوجد وقت لهذه الأفكار السيئة أحيانا تراودني هذه الأفكار أثناء إلقائي لمحاضرة في الجامعة وتشعرني بالكفر ولكي لا ألفت انتباه الطلاب استمر في الشرح وأؤجل نطقي بالشهادتين إلى حين خروجي من المحاضرة .
سؤالي كالتالي : هل عدم النطق بالشهادتين أثناء المحاضرة بمجرد ورود هذه الأفكار يعتبر تقصيرا وكفرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوسوسة وحديث النفس شيء يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، ومن فضل الله تعالى ورحمته أن تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به أو يتكلم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم.

قال النووي في (الأذكار): الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ولا طريق له إلى الانفكاك عنه. وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطران من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه. اهـ.

وكره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس الشيطانية، علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك اهـ. وراجع في ذلك الفتويين: 7950، 12300.

فليبشر السائل الكريم، فإنه ـ إن شاء الله ـ من هذا النوع؛ لأن حرصه على المبادرة بالنطق بالشهادة دليل واضح على كراهته لهذه الوسوسة واعتقاده خلافها.

ثم ليعلم السائل الكريم أنه لا يشترط لإثبات صحة اعتقاد العبد حين الوسوسة أن ينطق بالشهادتين ما دام أنه مطمئن لحقيقتهما، ولذلك لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم من يوسوس له الشيطان أن ينطق بهما، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا حتى يقول من خلق ربك فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته.

وقد سبق لنا التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 3086، 60628 ، 2081، 78372.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني