الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد

السؤال

بدأت الصلاة عندما بلغت 14 تقريبا وكنت أصلي عاديا، حيث نبهتني أمي على فضل الصلاة وأنها واجبة على كل مسلم وقد أعطتني طريقة الصلاة الصحيحة، لكن في التشهد كانت تعرف التشهد الأول فقط ـ التحيات لله إلى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ـ دون الإتيان بالتشهد الأخير وبقيت على هذه الحالة مدة لا أتذكرها ـ سنتين، أو ثلاثة ـ حتى نبهني أحد الإخوة، والآن أستطيع إكمال التشهد، لكن ماحكم صلواتي السابقة؟ وهل أعيدها مع أنني لا أذكر عددها؟ وهل أصلي ركعة مع سجدتين للسهو؟.
أرجو المساعدة فأنا حائر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم ـ أولا ـ أن التشهد ينتهي عند قول المصلي: وأشهد أن محمدا عبده وسوله، وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد والتي كنت تتركها طيلة هذه المدة فالعلماء مختلفون في وجوبها اختلافا كثيرا، فقال كثير من العلماء، أو أكثرهم: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة سنة لا تبطل الصلاة بتركها ـ وذهب الشافعية والحنابلة إلى وجوبها في التشهد الأخير, والقول بسنيتها قول له اتجاه وقد قواه بعض المحققين كالشوكاني في شرح المنتقى, ونحن نميل إلى القول بالوجوب وهو الأحوط والأبرأ للذمة, وراجع الفتوى رقم: 131815

ولكننا قد بينا في الفتوى رقم: 125010أن الفتوى بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من العلماء, وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن من ترك شرطا من شروط الصلاة، أو ركنا من أركانها المتفق عليها جهلا لم تلزمه الإعادة, فما كان مختلفا فيه خلافا قويا يكون من باب أولى، وانظر الفتوى رقم: 125226

ومن ثم، فإننا نرى أن صلاتك الماضية مجزئة ـ إن شاء الله ـ ولا تلزمك الإعادة, قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه إذا جلس في آخر صلاته فإنه يتشهد بالتشهد الذي ذكرناه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر الخرقي، وهي واجبة في صحيح المذهب، وهو قول الشافعي وإسحاق، وعن أحمد أنها غير واجبة، قال المروذي: قيل لأبي عبدالله ابن راهويه يقول: لو أن رجلا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد بطلت صلاته، قال: ما أجترئ أن أقول هذا، وقال في موضع: هذا شذوذ، وهذا يدل على أنه لم يوجبها، وهذا قول مالك والثوري وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم، قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول لأنني لا أجد الدلالة موجودة في إيجاب الإعادة عليه، واحتجوا بحديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد ثم قال: إذا قلت هذا، أو قضيت هذا فقد تمت صلاتك ـ وفي لفظ: وقد قضيت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد ـ رواه أبو داود... إلى آخر كلامه ـ رحمه الله.

وإنما نقلنا هذا ليتبين ما في المسألة من خلاف قوي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني