الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قول الإنسان بأن حاله لا يعجبه فيه تسخط على القدر؟

السؤال

حدثت مشاجرة بيني وبين أخي بسبب ضعف أدائي في العمل، والسبب هو أني أعاني من نقص في التركيز وليس عمدًا مني، أظن أنه بسبب مرض أو شيء. المهم أنه قال لي هل يعجبك وضعك الآن؟ فأجبته لا، لا يعجبني. فهل تلك الجملة من الألفاظ المنهي عنها؟ وهل تعتبر من الاعتراض على القدر؟ فلم أكن أقصد ذلك، وأشكل عليَّ هذا الأمر.
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإجابتك للسؤال بما ذكر لا تعتبر من الاعتراض على القضاء والقدر إذا لم تقصد ذلك، واللائق بالمؤمن أن يحمد الله على كل حال ويسأله العافية، ولا يجوز له التسخط من قضاء الله تعالى، فإن صدر منه شيء من الشكاية لا على سبيل التسخط فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى، كما وقع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله لعائشة رضي الله عنها، حين قالت: وا رأساه. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: بل أنا وا رأساه.

قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لهذا الحديث: وفيه أن ذكر الوجع ليس بشكاية، فكم من ساكت وهو ساخط، وكم شاك وهو راضٍ، فالمعول في ذلك على عمل القلب لا على نطق اللسان. انتهى.

بل ذكر بعض العلماء أن الرضا بالقضاء ليس واجبا والواجب هو الصبر.

قال في الآداب الشرعية: قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: هَلْ يَجِبُ الرِّضَا بِالْمَرَضِ وَالسَّقَمِ وَالْفَقْرِ ، وَالْعَاهَةِ وَعَدَمِ الْعَقْلِ ؟ قَالَ الْقَاضِي : لَا يَلْزَمُ ، وَقِيل : بَلَى قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٌ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ تَعَالَى كَالْأَمْرَاضِ وَنَحْوِهَا قَالَ: فَأَمَّا مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ كَالْكُفْرِ وَالضَّلَالِ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا إذْ الرِّضَا بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي كُفْرٌ وَعِصْيَانٌ . وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا الْوَاجِبُ الصَّبْرُ .انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني