الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ثمرات التسليم بالقضاء راحة النفس وطمأنينة البال

السؤال

أريد سؤالكم عن أنني والحمد لله ابتعدت عن المعاصي ما أقدر، فلا أريد أن أنسى باباً من أبواب العلم، وجعلت نيتي لله في أخذ الشهادة، ولكنني أصنع ما علي وأدرس وأجتهد وأكد وأتعب، وأقرأ أسئلة أخرى على ما قرأت وحفظت وفهمت، ولكنني ما إن أدخل الامتحان حتى أحله كاملاً، ولكن بعد أن أخرج يراجعني الأصدقاء، فأكتشف أنني مخطئ في الحساب، أو نسيت رمزاً، مع أنني أدرس أولاً بأول وأزيد على ذلك وأدعو ربي وأتوكل عليه، ثم بعد علمي بعلامتي كأن جبلاً على قلبي لا ينزاح، وكأنني في عالم غير العالم الذي أعيش فتتراكم على الهموم وينصب فوق رأسي جبل من غم ، ولكن لا أستطيع البكاء ولا أرغب بشيء أبدا حتى إنني لا أرغب بالدراسة الامتحان القادم، وأحاول أن أجعل نفسي مرتاحة فلا أستطيع ، وأستغفر الله وأذكره بتسبيحه وحمده ولكن أبقى مهموماً وأدعو بدعاء [ اللهم إني عبدك وابن عبدك ] وأبقى مهموماً .
فماذا علي أن أفعل بعد الامتحان وكيف أذهب الهم؟
أما قد غلبني قهري وهمي حتى أود إتيان العطلة ولا أدرس أبداً.
سريعاً فإنني ما زلت في امتحانات وادعوا لنا فما زلت أُسْأَل.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فكل ما يصيب الإنسان من خير أو شر إنما هو بقضاء الله عز وجل وقدره، وقد كَتَبَه سبحانه في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الخلق، والإيمان بذلك هو بلسم الحياة الذي يزيل الأسى والحزن، وراجع للأهمية في ذلك الفتوى رقم: 131433.
فإذا رضي الإنسان وسلَّم لحكمة الله التامة في قضائه، كان من الثمرات الجليلة لذلك: راحة البال وطمأنينة النفس، وثبات القلب وزيادة الإيمان بالله والقناعة بما قسم، ومنها أيضا الصبر والثبات عند الشدائد، وترك المعارضة والاعتراض. وقد سبق لنا ذكر ذلك، مع مفهوم القضاء والقدر ومراتبه، في الفتوى رقم: 67357. ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 38814.
ومن أنفع ما ينبغي ذكره في مثل حال السائل: وصية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا. ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان. رواه مسلم.
وأما ما ذكرت من بقاء الهم والغم مع ذكر الله تعالى ودعائه، فاعلم أن المرء لا يؤتى من قِبَل الله تعالى، وإنما يُؤتَى من قِبَل نفسه، فوعد الله لا يتخلف، ولكن العبد يتلبس بمانع من موانع الإجابة، أو عائق من عوائق الانتفاع بالدعاء، كالشك في الإجابة والدعاء على سبيل التجربة، وكالغفلة عن معنى وأثر ما يتلوه من ألفاظ الذكر والدعاء فلا يتواطأ القلب مع اللسان عندها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه الترمذي وأحمد، وحسنه الألباني.

قال المناوي في (التيسير): أي لا يعبأ بسؤال سائل مشغوف القلب بما أهمه من دنياه، قال الإمام الرازي: أجمعوا على أنّ الدعاء مع غفلة القلب لا أثر له. اهـ.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني