الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا منافاة بين السعي لتحصيل الحق وبين التوكل

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمالسلام عليكم ورحمة الله سؤالي في التوكل:أنا طبيب مسلم جئت إلى أمريكا للتخصص وأعددت العدة للمرحلة الثانية من التخصص من أبحاث ودرجات ممتازة في الامتحانات ولكن بسبب ملامح الالتزام وعدم مصافحتي للنساء قد أتعرض لظلم قي التقييم وهذا ما لاحظته في إحدى المقابلات التي تجري مع الأطباء الذين يختارون المتمرنين أمثالي للتخصص وهناك أخ يمكن أن يشفع لي في إحدى المستشفيات سؤالي: إني أحب أن أستغني بالله عن أي أحد من البشر علما أني أخذت بالأسباب وليس هذا من باب الكبر ولكن من حسن ظني بالله وقد استخرته سبحانه فهل هذا فهم خاطئ للتوكل أم أنه عين التوكل وهدي النبي والسلف وهل هذا أحب إلى الله؟جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فنسأل الله لك الثبات على الدين، والنجاح والتفوق فيما تريد مما ليس فيه محظور شرعي، ونوصيك بالتمسك بدينك كما نوصيك بالعودة لبلاد المسلمين بعد أخذك للشهادة التي ذهبت من أجلها، إن كنت غير قادر على إظهار شعائر دينك في البلد الذي أنت فيه الآن، وكذا إذا كنت غير قادر على إظهارها ولكنك تخشى من الوقوع فيما لا يرضي الله.
أما بالنسبة للسؤال، فنقول: إن اتخاذك من يتوسط لك ويشفع لتأخذ حقك في الشهادة والعمل ليس محرماً ولا مكروهاً ولا ينافي التوكل، بل هو من التوكل لأنه من باب اتخاذ الأسباب التي أمر الشارع بها، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "قيدها وتوكل". رواه الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر وصححه الألباني.
وهذا الأخ الذي سيشفع لك مأجور على شفاعته هذه، لقوله تعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) [النساء:85]، وقوله عليه الصلاة والسلام: "اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء" رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبى موسى.
ولو تركت شفاعته اعتماداً على الله وحده، فليس هذا من الكبر، بل قد يكون من تمام التوكل، ويدخل فيه ترك الأسباب المباحة أو المكروهة، وأرجو أن تكون ممن يشملهم حديث: "الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون". رواه أحمد والشيخان عن ابن عباس.
واعلم أن من توكل على الله فهو حسبه وكافيه، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) [الطلاق:3].
ويمكنك الاطلاع على مبحث التوكل في كتاب (فتح المجيد) عند شرحه لباب: (من حقق التوحيد دخل الجنة) من كتاب التوحيد.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني