الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يشرع للمرء ان يعمل بفتوى مع كونه غير مقتنع بها

السؤال

هل يجوز لي أن آخذ بقول من يقول بعدم بطلان الصلاة بانكشاف غير السوأتين وإن كنت غير مقتنع به؟ وذلك لكي لا أقضي الصلوات الماضية، فإني أظن أن عورتي المخففة انكشفت العديد من المرات في أوائل سن البلوغ وقبل التزامي واهتمامي بالدين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان السائل ممن ليس من أهل النظرفي الأدلة والاجتهاد فله الأخذ بالقول بصحة صلاة الرجل إذا انكشف شيء من عورته في الصلاة غير سوأتيه، لأنه قول معتمد في مذهب معتبر، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 66022.

ولو كان غير مقتنع بهذا القول فقد ذكر بعض العلماء أن للعامي أن يأخذ بقول المفتي ولو كان أميل إلى غيره ويرى بعضهم أن عليه اتباع القول الذي يعتقده وتسكن إليه نفسه، ففي التقرير والتحبير للمؤلف: شمس الدين محمد بن محمد..المعروف بابن أمير حاج الحنفي بعد أن نقل عن بعض أهل العلم أن المستفتي ملزم باتباع القول الذي يعتقد صحته ولا يحل له خلافه، قال: وَشَيْخُنَا الْمُصَنِّفُ ـ رَحِمَهُ اللَّهُ ـ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ لَا فِيمَا إذَا وُجِدَ غَيْرُهُ وَلَا فِيمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا أَسْلَفْنَا ذَلِكَ عَنْهُ فِي ذَيْلِ مَسْأَلَةِ إفْتَاءِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ حَتَّى قَالَ لَوْ اسْتَفْتَى فَقِيهَيْنِ أَعْنِي مُجْتَهِدَيْنِ فَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ الْأَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِمَا يَمِيلُ إلَيْهِ قَلْبُهُ مِنْهُمَا، وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِقَوْلِ الَّذِي لَا يَمِيلُ إلَيْهِ جَازَ، لِأَنَّ مَيْلَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ، وَالْوَاجِبُ تَقْلِيدُ مُجْتَهِدٍ وَقَدْ فَعَلَ أَصَابَ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ أَوْ أَخْطَأَ. انتهى.

هذا بالإضافة إلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية إن من ترك شرطا من شروط صحة الصلاة أو شيئا من أركانها جاهلا لا يلزمه القضاء بعد علمه بالحكم، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 125226.

وهذا كله فيما لو انكشفت العورة يقينا أو ظنا يجري مجرى اليقين في الصلاة، أما لوكان الانكشاف غير متيقن فلا عبرة به ولو كان للعورة المغلظة، وقد نص بعض العلماء على جواز خروج المقلد من العمل بالمشهور إلى العمل بالشاذ الذي فيه رخصة من غير تتبع للرخص، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 149469.

أضف إلى ذلك ما تقدم في الفتوى رقم: 125010، أن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من العلماء.

أما إن كان من أهل النظر والاجتهاد فليس له تقليد غيره، بل عليه العمل بما صح دليله عنده، وللفائدة يرجى الاطلاع الفتوى رقم: 176505.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني