الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم حج التمتع مع نقص طواف العمرة عن سبعة أشواط

السؤال

عندي سؤال في الحج: كان والدي في حج العام الماضي ـ حج تمتع ـ وعند بداية طواف القدوم طاف من بعد الحجر الأسود من الركن العراقي بطريق الخطأ وأكمل سبعة أشواط منتهيا أيضا بالركن العراقي، فهل عليه ذبج عن هذا الخطأ أم ليس عليه شيء؟ علما بأنه في نفس هذا اليوم قام بعمل طواف تطوع مرتين من بداية الحجر الأسود وبطريقة صحيحة، أرجو الإفادة، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كان أبوك حج متمتعا ـ كما ذكرت ـ فإن طوافه للعمرة لا يعتد بالشوط الأول منه، لأنه ابتدأه بعد مجاوزة الحجرالأسود ومن شروط صحة الطواف أن يبتدئ بالحجر الأسود وينتهي إليه في كل شوط، وعليه فهو لاغ ويصيرالشوط الثاني بعده هو الشوط الأول، والذهاب للركن العراقي في الشوط الأخير زيادة لكنها لاتؤثر على صحة الشوط، قال في كشاف القناع: أو بدأ بالطواف من دون الركن الذي به الحجر كالباب ونحوه كالملتزم لم يحتسب بذلك الشوط، لعدم محاذاة بدنه للحجر ويحتسب له بالثاني وما بعده ويصير الثاني أولاً. انتهى. وانظر الفتوى رقم: 133614، لمزيد التفصيل.

وعلى هذا، فإن كان والدك قد أكمل سبعة أشواط دون حساب الشوط الذي بدأه بعد الجحرالأسود فإن طوافه صحيح من هذه الناحية، وإن أكمل سبعة أشواط اعتبارا بذلك الشوط الناقص لم يصح طوافه, لأن من شروط صحة الطواف تكميل الأشواط سبعا في قول جمهور أهل العلم خلافا للحنفية, كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 140302.

ولا يجزئه طواف التطوع عن طواف العمرة، لأن النفل لا يقوم مقام الواجب، وإذا لم يصح الطواف لم يصح السعي بعده، لأن من شروط صحة السعي أن يقع بعد طواف صحيح, وحيث إنه أحرم بالحج بعد أن طاف ستة أشواط لم يكن متمتعا عند أكثر الفقهاء، لأنه أحرم بالحج قبل إتمام أعمال العمرة، وعند الأحناف يصح تمتعه، لأنه طاف أكثرالأشواط قبل الإحرام بالحج وهذا القول وإن كان غيره أرجح منه عندنا إلا أننا نرى أن للوالد الاعتماد عليه ويكون تمتعه صحيحا وكذلك حجه ـ إن شاء تعالى ـ لكن عليه الدم جبرا لنقص الشوط السابع، فقد بينا في الفتوى رقم:125010، أن العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الأمر وصعوبة التدارك مما سوغه كثير من العلماء.

وقد اختلف غير الأحناف هنا هل يصح الإحرام بالحج في هذه الحالة ويصير قارنا وهومعتمد المذهب المالكي، أم لا يصح إحرامه بالحج، لأنه ما زال محرماً بالعمرة، ولا يصح إدخال الحج على العمرة بعد الشروع في طوافها، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 71890.

وهذا قول الشافعية وكذلك الحنابلة إلا أن يكون مصحوبا بهدي فيصح إحرامه عندهم ويصير قارنا، ففي الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أن المتمتع يشترط عليه أن يحرم بالعمرة قبل الإحرام بالحج، ويأتي بأعمالها قبل أن يحرم بالحج، فلو أحرم بالعمرة والحج معا من الميقات أو أدخل الحج على العمرة قبل الشروع في أعمالهما يصبح قارنا، إلا أن الحنفية قالوا: إذا طاف للعمرة أربعة أشواط قبل الإحرام بالحج صح تمتعه. انتهى.

وفيها أيضا: قال المالكية في المعتمد عندهم.. يصح إدخال الحج على العمرة قبل تمام الطواف ويمضي في أعمالهما ويصير قارنا، وقال الشافعية وهو قول بعض المالكية: لو شرع في الطواف ولو بخطوة، ثم أحرم فإنه لا يصح، لاتصال إحرامه بمقصوده، وهو الطواف، فلا ينصرف بعد ذلك إلى غير العمرة. انتهى بتصرف.

وفي الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف في المذهب الحنبلي: لَوْ شَرَعَ فِي طَوَافِ الْعُمْرَةِ لَمْ يَصِحَّ إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ سَعَى، إلَّا لِمَنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَصِيرُ قَارِنًا، بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ، مِنْ أَنَّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ.
انتهى. ولمزيد فائدة راجع الفتاوى التالية أرقامها: 15047، 185191.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني