الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم الرؤيا في المنام التي تتحقق .هل هي دليل عن رضى من الله أم العكس ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
أما بعد، فإنَّ تحقق الرؤيا التي يراه المرء ليس دليلا كافيا وحده على رضى الله عن العبد، كما أن عدم تحقق الرؤيا ليس دليلا كافيا وحده على سخط الله على العبد. - نعوذ بالله من سخطه - .
وصدق الرؤيا ليس خاصًا بالمؤمنين؛ بل قد تصدق رؤى غير المؤمنين، ولكن يكثر في المؤمنين صدق الرؤيا، ويقل ذلك في الفساق، ويندر في الكفار، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "قَوْلُهُ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ هَذَا يُقَيِّدُ مَا أُطْلِقَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ كَقَوْلِهِ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِكَوْنِهَا حَسَنَةً وَلَا بِأَنَّ رَائِيَهَا صَالِحٌ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْحَسَنَةِ هُنَا قَالَ الْمُهَلَّبُ الْمُرَادُ غَالِبُ رُؤْيَا الصَّالِحِينَ وَإِلَّا فَالصَّالِحُ قَدْ يَرَى الْأَضْغَاثَ وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ لِقِلَّةِ تَمَكُّنِ الشَّيْطَانِ مِنْهُمْ بِخِلَافِ عَكْسِهِمْ فَإِنَّ الصِّدْقَ فِيهَا نَادِرٌ لِغَلَبَةِ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ قَالَ فَالنَّاسُ عَلَى هَذَا ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ الْأَنْبِيَاءُ وَرُؤْيَاهُمْ كُلُّهَا صِدْقٌ وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَالصَّالِحُونَ وَالْأَغْلَبُ عَلَى رُؤْيَاهُمُ الصِّدْقُ وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَمَنْ عَدَاهُمْ يَقَعُ فِي رُؤْيَاهُمُ الصِّدْقُ وَالْأَضْغَاثُ وَهِيَ على ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَسْتُورُونَ فَالْغَالِبُ اسْتِوَاءُ الْحَالِ فِي حَقِّهِمْ وَفَسَقَةٌ وَالْغَالِبُ عَلَى رُؤْيَاهُمُ الْأَضْغَاثُ وَيَقِلُّ فِيهَا الصِّدْقُ وَكُفَّارٌ وَيَنْدُرُ فِي رُؤْيَاهُمُ الصِّدْقُ جِدًّا وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي بَابِ الْقَيْدِ فِي الْمَنَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ مِنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ كَمَا فِي رُؤْيَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ مَعَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَرُؤْيَا مَلِكِهِمَا وَغَيْرِ ذَلِكَ. ..." انتهى

والرؤيا الصادقة قد تأتي بالبشارة من الله تعالى للرائي أو المرئي له، ولذلك سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذا النوع من الرؤى بالمبشرات؛ كما في صحيح البخاري من حديث أبي هُرَيْرَةَ، - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا المُبَشِّرَاتُ» قَالُوا: وَمَا المُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ» وروى أحمد والترمذي عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: لهم البشرى في الحياة الدنيا قال: هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.

وقد تأتي بالنذارة له، لينتبه من أمر ما، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به، ليستعد لما يقع قبل وقوعه، أو ليدع ما يمكن دفعه مما فيه مضرة عليه عاجلة وآجلة.
فالرؤيا الصادقة الصالحة التي يراه المؤمن أو تُرَى هي علامة خير وبشارة به، فعلى من أكرمه الله تعالى برؤيا حسنة صالحة أن يشكر الله على هذه النعمة، وأن يزداد تمسكاً بدين الله وشرعه، وأن لا يغتر بذلك ولا يتكل عليه، فالرؤيا الصادقة الصالحة تسر ولا تغر.
ولمزيد من الفائدة يمكن مراجعة الفتويين التاليتين: 72203 // 210160 .
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني