الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرؤية الرحمانية يُستأنس بها

السؤال

أنا فتاة مبتلاة بسحر تعطيل الزواج، وكلما أقبلت على الخطبة، أو الزواج ينهار كل شيء فجأة، وإني راضية، والحمد لله، ولكن من سنوات رأيت حلما من الشيطان، وأنا متأكدة يخبرني فيه باسم شخص سوف أتزوجه، فارتبكت قليلا، وانزعجت؛ لأني كنت حينها مخطوبة لشاب آخر، ومنذ ذلك الحين، وبعد ذاك المنام صرت كلما أتذكر موضوع الزواج، أو يخطر على بالي، إلا ويخرج لي ذلك الاسم الذي سمعته في المنام، وأراه إما على التلفاز، أو بالهاتف، أو غيره. وتكرر كثيرا، وكلما أراد شخص خطبتي إلا وأرى ذاك الاسم، وكأن الله يخبرني لا توافقي على أحد، فأنت ستتزوجين شخصا آخر بذاك الاسم، وهكذا حتى رأيت رؤيا أو حلم أرعبني فيه شخص قبيح، ويحمل ذاك الاسم، وجالس يقنعني أن أتزوجه، وأنا في الحلم مستاءة، وغير راضية. وهكذا بعدها صرت دائما أرى نفس الاسم، وحين أقرأ القرآن، وأتذكر موضوع الزواج إذ بي أمام آية فيها نفس الاسم، وتكررت معي عشرات المرات ليومنا هذا.
و كنت قد دعوت الله بصفات معينة أن يرزقني إياها في الزوج المستقبلي، فصرت أرى إشارات ورسائل أحسها إلهية، تخبرني أن الله استجاب دعائي، وأن الشخص اسمه ذات الاسم، وهذا الأمر لليوم يتكرر معي بشدة، ولا يجوز لي تكذيب رسائل الله، وسأكفر إذا كذبتها، ومهما دعوت أو ارتبطت بشخص آخر، فالله قدر لي الشخص الذي يحمل ذات الاسم.
أنا حاليا مخطوبة، وكلما أقرأ القرآن أحس أن الله يخبرني بأن لا أقدم على الأمر؛ لأنه كتب لي شخصا آخر، ولا فائدة بأن أدعو بالزواج من خطيبي الحاضر، وأرى علامات كثيرة من نفس النوع كذلك تدعوني لمزيد من الالتزام، وأحسها من الله.
هل أأثم أو أكفر إذا تجاهلت هذه الرسائل، واستمررت بخطبتي الحالية؟ أم ألغيها وأتبع الرسائل التي تخبرني بأن ألتزم أكثر، وحينها سيرضيني الله بشخص أفضل، وهو صاحب ذلك الاسم الذي أراه؟
علما بأني كلما أعرضت عن الأمر كلما رأيت إشارات أكثر أحس بعدها كأني أصبحت كافرة، ومعرضة عن الإشارات الإلهية، وأحس أني مبتلاة من الله بكثير من الوساوس، حتى في هذا الأمر؛ ليرزقني الله ما يريده لي، وأبرزه ذاك الشخص الذي أرى اسمه؟
هل أنا كافرة إذا أعرضت؛ رغم أني أحس بشدة أنها من الله، وأنها تأتيني كثيرا في شكل نصائح لهدايتي؟
هل أترك خطيبي الحالي، وهو شخص جيد وكفؤ وبيننا تفاهم كبير؟ تعبت واحترت.
أرجو أن تجيبوني في أسرع وقت، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينفس كربك، ويجعل لك من كل ضيق مخرجا، ومن كل بلاء عافية، ونسأله سبحانه أن يرزقك الزوج صالح. ونوصيك بكثرة الدعاء، فإنه قريب مجيب، لن يخيب من رجاه، ولجأ إليه ودعاه، فهو القائل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وراجعي الفتوى: 119608. ففيها بيان آداب الدعاء.

وإذا غلب على الظن أنك مصابة بشيء من السحر يحول دون إتمام الزواج، فاحرصي على الرقية الشرعية، وراجعي فيها الفتاوى: 4310، 5252، 7975.

ولا بأس بالاستعانة ببعض أهل الخير والاستقامة إن كنت في حاجة لذلك، واحذري من إتيان الدجالين والمشعوذين.

وإن كان هذا الخاطب على دين وخلق، فننصح بالمبادرة لإتمام الزواج، واستخارة ربك، ففي الاستخارة خير كبير، وهي من أعظم أسباب التوفيق، وراجعي في الاستخارة الفتوى: 19333، والفتوى: 123457.

والرؤى المنامية تنقسم في الشرع إلى ثلاثة أقسام، رؤيا من الرحمن، وحلم من الشيطان، وحديث نفس، كما بينا في الفتوى: 124830.

ويبدو أن ما ترينه في منامك نوع من التلاعب من الشيطان؛ ليصرفك عما ينفعك، ويدخلك في نوع من الخواطر السيئة والوساوس، وإذا أردت السلامة لنفسك، فلا تتشاغلي بها، بل استعيذي بالله من الشيطان الرجيم.

وعلى تقدير أن هذه الرؤيا من الرحمن، فليس المقصود بذلك ما ذكرت من كونها رسائل من الله تعالى، وخوفك من الوقوع في التكذيب بها، والكفر بالله سبحانه، بل هي رؤيا يستأنس بها، ولا يعتمد عليها، ولا تبنى عليها أحكام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني