الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإيمان بالقدر لا يعني الاستسلام بل مدافعته بقدر آخر

السؤال

أنا مطلقة أبلغ أربعين سنة وأمي تعاملني معاملة قاسية جدا وتقول بأنني لم أوفق في الزواج بسبب ترك خدمتها رغم أنه يوجد من يخدمها في البيت، وتقول للناس إنني أتحدث مع طليقي في الهاتف، والله يشهد أنني لا أكلمه وتقول للناس إنني أكلمه حتى لا يتقدم أحد لخطبتي خطبت منذ مدة فقالت للذين جاءوا لخطبتي إنها متخاصمة معي فخرجوا من البيت، والله ياشيخ إنها تعاملني مثل الخادمة والناس يستغربون ويقولون لي أنت مثل الخادمة في هذا البيت، وتحرض خالاتي على إخوتي لئلا يذهب أحد إلى أحد وتأمرني بقطع الرحم ويا ويلي إن خرجت والتقيت مع خالتي وتحدثت معها، وتقول لي هذه عدوتي، تزوجت وعندي 39 سنة زواجا لم يستمر إلا تسعة أشهر وطلقت غيابيا بسبب زوجته الأولى، الظلم يحاصرني من كل مكان ولا أريد العقوق، فهل الطلاق من أقدار الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت أمك تعاملك على نحو ما ذكرت فهذا أمر غريب، فالغالب في الأم الشفقة والرحمة بأولادها وحب الخير لهم، فنوصيك بالدعاء لها بأن يصلح الله حالها ويلهمها رشدها، وتسلي بالصبر عليها، فالصبر عبادة الضراء، وبه تعظم الحسنات وترفع الدرجات وتكفر السيئات، وراجعي النصوص الدالة على فضله بالفتوى رقم: 18103.

وكوني على حذر من أن تدفعك إساءتها إليك إلى الإساءة إليها، بل يجب عليك برها والإحسان إليها وإن ظلمتك، عقد البخاري في كتابه الأدب المفرد بابًا أسماه: باب بر والديه وإن ظلما ـ وأورد تحته أثرًا عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: ما من مسلم له والدان مسلمان، يُصبح إليهما محتسبًا، إلا فتح الله بابين ـ يعني: من الجنة ـ وإن كان واحدًا فواحد، وإن أغضب أحدهما لم يرضَ الله عنه حتى يرضى عنه, قيل: وإن ظلماه؟ قال: وإن ظلماه.

وللمزيد راجعي الفتويين رقم: 125222, ورقم: 115880.

ومهما أمكنك خدمة أمك ـ من غير ضرر ـ فافعلي عسى أن تكسبي بذلك رضاها، وقد تكون خدمتها واجبة عليك إن لم يوجد من يخدمها واحتاجت إليها.

وإن كانت أمك تثير الفتن وتتسبب في القطيعة فهذه من المنكرات العظيمة، ولا يجوز لك طاعتها في قطيعة خالتك وعدم الكلام معها، فلا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى، ولكن اتقي شرها واحرصي على مواصلة خالتك من غير أن تعلم أمك.

وأما الطلاق: فلا شك في كونه من أقدار الله عز وجل، فما من شيء في الكون إلا واقع بتقديره، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:49}.

وهذا لا يعني الاستسلام للقدر وترك الزواج، فالمسلم يدافع أقدار الله بأقداره، فإذا رغب زوجك في رجعتك وقد حصلت البينونة وليس هنالك مصلحة راجحة تقتضي عدم الموافقة فارجعي إليه، وإن كان الزواج سيتم بإذن وليك وحضور الشهود فلا يعتبر ذلك زواج سر، والإشهار مستحب وليس بواجب، وراجعي الفتويين رقم: 55989، ورقم: 127689.

هذا مع العلم بأنه إذا كان الطلاق رجعيا فأنت في حكم الزوجة ومن حق زوجك رجعتك بغير عقد جديد، ولا يجب عليه أن يشهد على الرجعة، بل يستحب له ذلك، وانظري الفتويين رقم: 110801، ورقم: 10508.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني