الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المدافعة عن المال غير واجبة وتركها لما هو أحب إلى الله أفضل

السؤال

شقيقي الأكبر ينازعني ملكية نصيبي الشرعي في قطعة أرض فضاء قسمت بعقد قسمة تراضياً وأنكر توقيعه على هذا العقد أمام القضاء ووصل النزاع بيننا لحد الاقتتال وتحرير محاضر في الشرطة فهل أستسلم وأترك حقي يضيع وأنا متفرج؟ أم أدافع عن حقي مهما كلفني؟ وذلك عملاً بحديث الرسول حينما سأله سائل في هذا الشأن .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن من أعظم المحرمات اقتتال المسلم مع أخيه المسلم. قال صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر. متفق عليه. وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. فإذا كانت نفسك لا تطيب بالتنازل له عن شيء من حقك لرأب العلاقة بينك وبينه، فارفع الأمر إلى القضاء، لينال كل منكما حقه دون مقاتلة أو اعتداء، وإن سلكت سبيل المسامحة وعفوت عن بعض حقك لتصل أخيك وتصلح ما بينك وبينه فهو أفضل. أما الحديث الذي أشرت وهو قوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله: يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: فلا تعطه مالك. قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: هو في النار. رواه مسلم. فمعناه أن المدافعة عن المال بالأخف فالأخف، جائزة غير واجبة؛ قال الإمام النووي في شرح الحديث: ...فلا تعطه: فمعناه: لا يلزمك أن تعطيه، وليس المراد تحريم الإعطاء. وقال المجد ابن تيمية بعد أن ساق الحديث من رواية مسلم وأحمد : فيه من الفقه أن يدفع بالأسهل فالأسهل. ولمزيد من الفائدة في هذا الصدد راجع الفتوى رقم: 17038. فإذا كانت المدافعة عن المال جائزة غير واجبة، كان تركها لما هو أحب إلى الله أفضل وأولى، ولا ريب أن صلة الرحم من أعظم ما يحبه الله ويرضاه، ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الرحم شجنة من الرحمن فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته. وفي مسند أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه الرحمن شجنة من الرحمن، فمن قطعها حرم الله عليه الجنة. وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم مادمت على ذلك. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ولذا فإننا ننصحك بالاجتهاد في إصلاح ما بينك وبين أخيك ولو بالتنازل عن بعض حقك، وسوف يخلف الله عليك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره، فليصل رحمه رواه البخاري. ونسأل الله أن يصلح ما بينك وبين أخيك وأن يعينكما على طاعته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني