الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شراء واستخدام صندوق مطليّ بماء الذهب فيه عطور

السؤال

ما حكم شراء واستخدام صندوق يحتوي على العطور، إذا كان الصندوق مطليًّا بماء الذهب؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمثل هذا الصندوق عند جمهور الفقهاء له حكم الآنية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة: كل ما يلبس، فهو من باب الحلية، سواء كان سلاحًا، أو لباسًا، وما لم يلبس، فهو من باب الآنية، مثل المكحلة، والمحبرة، والمرود، والإبريق. اهـ.

وعلى ذلك؛ فإن كان الطلاء بماء الذهب حقيقة، فشراؤه، واستعماله محل خلاف بين أهل العلم، كالآنية المموه بالذهب، والمعتبر عند جمهور الفقهاء هو قلة الذهب المستعمل في الطلاء أو كثرته:

فإن كان كثيرًا، بحيث ينفصل منه شيء عند السبك، والعرض على النار، حرم، وإلا، فلا.

والأحوط على أية حال هو تركه، واجتنابه، وراجعي في بيان أقوال العلماء في الآنية المطلية بالذهب الفتويين: 72200، 46660.

وللتفصيل في هذه المسألة يمكن الرجوع لبحث: (حكم الأواني الذهبية والفضية وما مُوِّه بهما استعمالًا وبيعًا وشراء) للدكتور صالح المرزوقي، المنشور في العدد: (20) من مجلة جامعة أم القرى. وقد رجح الباحث جواز بيع وشراء المموه بالذهب والفضة، وقال: هو مذهب الحنفية، والشافعية، والمالكية، وقول عند الحنابلة. وأجاب على أدلة المانعين، وبين أن التعليل بتضييق النقدين، والإسراف، لا يتحققان في المموه؛ لقلته. وقال: مع أنه مباح فيما أرى، إلا أن التنزه عن استعماله في الأكل والشرب أولى، لا سيما إذا كان التمويه قد غطى جميعه، أو معظمه. اهـ.

وقال الشيخ عبد الله بن منيع في بحثه: (الذهب بعض خصائصه وأحكامه) المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، ومجلة البحوث الإسلامية: ما كان مموهًا بالذهب، أو الفضة، أو مشغولًا بهما، أو بأحدهما بحيث تكون كمية الذهب أو الفضة فيها قليلة جدًّا بالنسبة إلى ما شغلت به، فهذه المسألة محل اجتهاد ونظر، وفيها اختلف العلماء بين الإباحة والحظر:

فمن نظر إلى الحكمة من التحريم، وهي كسر قلوب الفقراء، ورأى أن في التمويه بهما، وشغل الأداة بشيء منهما بما يعطي الأداة لون أحدهما، من نظر إلى هذا، قال بالتحريم، بصرف النظر عن كامل محتوى الأداة بأحدهما، أو بجزء منها؛ لما في ظاهرها من بهجة، وزينة، وإغراء، ينكسر برؤيته قلب الفقير العاجز عن تملكها.

ومن نظر إلى أن غالب محتوى الأداة من غيرهما، وأن ما فيها من أحدهما لو استخرج لما كان شيئًا، ونظر إلى القاعدة الشرعية: يجوز تبعًا ما لا يجوز استقلالًا. قال بجواز ذلك.

ولكل من الرأيين وجاهته، واعتباره، ويكون للاختيار منهما التوجه بتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس؛ فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات، وقع في الحرام. اهـ. وهذا كله إذا كان الطلاء بالذهب الحقيقي.

وأما إذا كان مجرد لون، لا من الذهب حقيقة، فلا حرج في شرائه، واستعماله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني