الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب الفقهاء في استخدام أوانٍ مطلية بالفضة

السؤال

هل استخدام أوانٍ مطلية بماء الفضة حلال أم حرام؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف الفقهاء في الإناء المطلي بماء الفضة: فمنهم من أجاز استعماله لقلة ما فيه من الفضة، ومنهم من منع استعماله؛ لأن العلة التي مُنِعَ لأجلها استعمال الخالص موجودة في المموه، ولو كان يسيرا، وهي كسر قلوب الفقراء، وتضييق النقدين، وهذا هو الأحوط، والأبرأ للذمة، والأبعد عن مشابهة المترفين المسرفين.

جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية» (32/ 166): الإِنَاءُ ‌الْمُمَوَّهُ ‌بِفِضَّةٍ وَعَكْسُهُ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الأَوَانِيَ الْمُمَوَّهَةَ بِمَاءِ الْفِضَّةِ إِذَا كَانَ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَا بَأْسَ بِالاِنْتِفَاعِ بِهَا فِي الأَكْل وَالشُّرْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمَا يَخْلُصُ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يَحْرُمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، وَيُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي الأَشْهَرِ عَنْهُ، كَالْمُضَبَّبِ.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلَانِ فِي الْمُمَوَّهِ، كَالْقَوْلَيْنِ فِي الْمُضَبَّبِ، وَهُمَا التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ، أَوِ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ. وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمُ الْجَوَازَ نَظَرًا لِقُوَّةِ الْبَاطِنِ.
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ جَوَازَ اسْتِعْمَال الْمُمَوَّهِ بِالْفِضَّةِ فِي الأَصَحِّ، لِقِلَّةِ الْمُمَوَّهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ مَعْدُومٌ. وَالْقَوْل الثَّانِي الْمُقَابِل لِلأَصَحِّ، أَنَّهُ يَحْرُمُ لِلْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ.
فَإِنْ كَثُرَ الْمُمَوَّهُ بِحَيْثُ يَحْصُل مِنْهُ شَيْء بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَرُمَ جَزْمًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُل مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَا يَحْرُمُ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوِ اتَّخَذَ إِنَاءً مِنَ الْفِضَّةِ (أَوِ الذَّهَبِ) وَمَوَّهَهُ بِنُحَاسٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ حَصَل مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ حَل اسْتِدَامَتُهُ، وَإِلَاّ فَلَا.
وَمَحَل مَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لاِسْتِدَامَتِهِ، أَمَّا الْفِعْل فَحَرَامٌ مُطْلَقًا وَلَوْ عَلَى سَقْفٍ أَوْ جِدَارٍ أَوْ عَلَى الْكَعْبَةِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ اتِّخَاذُ الإِنَاءِ وَنَحْوِهِ، إِذَا كَانَ مُمَوَّهًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا الْمُطَعَّمُ وَالْمَطْلِيُّ وَالْمُكَفَّتُ. اهــ.

والمقصود بالمموه عند الفقهاء أن يُذَاب الذهب أو الفضة، ويلقى فيه الإناء، فيكسب لونه، والمقصود بالمُطَعَّم بهما بأن يحفر في الإناء حفرا، ويوضع فيها قطع ذهب أو فضة على قدرها، والمقصود بالمطلي بهما بأن يجعل الذهب أو الفضة كالورق، ويطلى به الإناء، وبعضهم فسر المطلي بالمموه، والمقصود بالمكفت بهما أن يبرد الإناء حتى يصير فيه شبه المجاري في غاية الدقة، ثم يوضع فيها شريط دقيق من ذهب أو فضة يدق عليه حتى يلصق، كما يصنع بالمركب، كذا في كشاف القناع من كتب الحنابلة.

وانظر للفائدة الفتوى: 72200، والفتوى: 180477.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني