الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا أساءت المرأة لزوجها فهل له تأديبها؟

السؤال

وفقكم الله -إخواني في الله-.
أنا رجل متزوج، حصلت بعض المناوشات بيني وبين زوجتي، فحصل مثلًا أني كنت متفقًا معها أننا نريد أن نحسن من علاقتنا مع إخواني وأمي في البيت، وأني أريدها أن تكون مع أمي بعد صلاة الجمعة؛ لأنني أكون أنا وإخوتي مجتمعين، فذهبت للمنزل فوجدتها لم تنزل، فذهبت إليها، وقلت لها: لماذا لم تنزلي؟ قالت لي: أين أنزل؟ قلت لها: في الشارع، بنبرة غضب، ونمت على السرير، فرفعت صوتها عليّ، وقالت كلمات لم أتذكر منها سوى: ربنا ينتقم منك؛ فقمت بضربها على رأسها بيدي ضربًا غير مبرح، فذهبت إلى أهلها؛ فتركتها تبيت عند أهلها يوم الجمعة، وسافرت إلى العمل، وكنت أنوي ألا أذهب إليها أبدًا، حتى ترجع وحدها، فقلت: من المؤكد أنها ستتعب، وسأقبل أنا الصلح.
ذهبت إلى بيت أبيها، وقلت لها: لنذهب إلى البيت، قالت لي: لن أذهب معك إلى أن يأتي لي والدي بحقي، فقلت لها: وأي حق لك عندي؟ قالت: إنني ضربتها، فذهبت وتركتها، ووالدها مسافر للعمل، يقطن هناك السبت والأحد والاثنين، ويأتي يوم الثلاثاء، فاتصل بأخي؛ لأن والدي متوفى -رحمه الله- فكلمني أخي، وذهب هناك وتبعته، وأخي كان يحلف، ويتأسف لهم، ولوالدها في الهاتف، ويقول له: اتركها تذهب معه، ووالدها كان رافضًا، وأمها وأبوها أجمعا على أني مخطئ دون أن يستمعا لي، ووالدتها قالت لي: ليس من حقك أن تضربها، هذا ليس في الدين، فقال لها أخي: إن ذلك في القرآن، فتمالكت أعصابي، وأعطاني أخي الهاتف لأتكلم معه، فعندما تكلمت معه تطاول عليّ، وقال: أنت تعديت حدودك، إذا أخطأت بنتي فيك، فتعال إليّ وأنا سأكسر دماغها، لكن لا تلمسها.
لكبر سنه لم أتطاول عليه، وقلت له: أنت سمعت مني، وعرفت ماذا فعلت بنتك؟ قال لي: تفعل ما تفعل، وعندما تخطئ، أنا أكسر دماغها، فقلت له: وأنا سآتيك بامرأتي تهينها وتضربها أمامي، شكرًا يا حاج، وأغلقت الهاتف، وقلت لها: إن لم تذهبي معي إلى البيت، فأنت [ط]، فكلمت والدتها والدها، وطلبت منه أن يتركها تذهب معي؛ من أجل بنتنا؛ فذهبت معي، فمن المخطئ هنا؟ وماذا أفعل مع زوجتي؟ وهل تعتبر ناشزًا؟ وماذا أفعل مع والديها؟ فنفسيتي متعبة منهم حقًّا، وهل لي إذا أخطأت عليّ أن أضربها ضربًا غير مبرح؟
أرجو النصح، والإرشاد، والتقويم -بارك الله فيكم، وجعلنا الله وإياكم من الصالحين، وأدخلنا الله فسيح جناته-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فليس من اختصاصنا الفصل في النزاع، وتحديد المخطئ والمصيب من أطراف النزاع، فهذا شأن القضاء، ولكن نجيبك ببيان بعض الأحكام والآداب الشرعية المتعلقة بسؤالك، حسب ما فهمناه منه، في النقاط التالية:

- امتناع المرأة من زيارة أهل زوجها، والتودد إليهم، ليس من النشوز، لكن إحسانها إلى أهل زوجها، وإعانته على بر والديه، وصلة رحمه، من كمال حسن العشرة، ومكارم الأخلاق، كما سبق بيانه في الفتويين: 139282، 184719.

- إساءة الزوجة إلى زوجها بالقول، ودعاؤها عليه، ليس من النشوز، ولكن له أن يؤدبها على ذلك، وراجع الفتوى رقم: 81051.

- ليس للزوج تأديب زوجته بضربها على وجهها، أو رأسها، قال الحجاوي -رحمه الله- في الإقناع: ويجتنب الوجه، والبطن، والمواضع المخوفة، والمستحسنة. اهـ.

- إذا نشزت الزوجة على زوجها، أو أساءت الأدب معه، فليس عليه أن يرفع أمرها لأبيها ليؤدبها، ولكن له تأديبها بنفسه، وفق الضوابط الشرعية.

- ومن وسائل التأديب المباحة في الشرع الضرب غير المبرّح، لكنه يكون بعد استعمال الوعظ، والهجر، وعدم إفادتهما، ومع ذلك؛ فترك الضرب عند الإذن فيه، أفضل، كما بيناه في الفتوى رقم: 22559.

- نصيحتنا لزوجتك أن تطيعك في المعروف، وتعلم أنّ طاعتها لك مقدمة على طاعة والديها.

ونصيحتنا لك أن تحسن صحبة زوجتك، وتصبر عليها، وتتجاوز عما حصل من والديها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني