الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طاعة الأمّ في قطع الخالات بسبب إساءتهنّ إليها

السؤال

شكرًا على هذا الموقع الغني بالمعرفة والعلم، وزادكم الله.
عندي مشكلة تخص صلة الرحم، فأنا من صغري أرى أمّي تصِل خالاتي بشكل كبير، وتكرمهنّ، وتحسن إليهنّ، ولكنهنّ كن يقابلن ذلك كله بالاغتياب، والكُره، والظلم لها، وتحريض الآخرين على أذيتها، وعلى كرهها، وقد كانت تتأذى من ذلك، ولكنها تسامحهنّ في النهاية، بل كانت تكلمهنّ.
وفي الفترة الأخيرة اتَّهَم زوج خالتي وخالاتي الاثنتين أمّي في شرفها وعِرضها بهتانًا وزورًا، فابتعدت عنهم أمّي، ولكنها سامحتهم في النهاية، ولم تكلمهم، حتى حدث حادث رهيب، فابن إحدى خالاتي مريض نفسيًّا، وكانت تحرّضه على أبيه، وتجعله يكرهه؛ رغم أن أباه كان رجلًا طيبًا، حتى قام ابنها بقتل أبيه، وهنا قررت أمّي أن تقطعهم نهائيًّا.
كما أنهنّ يتكلمن على أختي، ولم يصلني أنهنّ تكلمن عنّي، إلا أنهنّ قلن: إني لا أطاق، كما أن الحقيقة كشفت أن أمّي بريئة، وبعد أن ابتعدت عنهنّ أمّي بعد الحادثة، قالت التي قُتل زوجها: إنها ستقتل أمّي في بيتها، ونحن نعلم أن هذا لن يحدث؛ لأنهم يسكنون في بلد بعيد عنا، وهي امرأة مريضة لا تستطيع الحركة كثيرًا، وأمّي أمرتنا ألا نكلمهنّ، وأن نقطعهنّ، فهل هذا حرام أم لا؟ وعندما أشرت إليها أن هذا ممكن أن يكون حرامًا، قالت لي: وكيف يكون حرامًا، وأنت لم تحفظ كرامتي، وتريد أن تكلم من يؤذيني!؟ وإن فعلت ذلك، فلن أسامحك أبدًا، وحتى إن كان حرامًا، فكلمهنّ إن أردت، ولكني لن أسامحك، وسأغضب عليك إلى يوم الدين، وكلام من هذا القبيل، وأنا الآن لا أعلم ماذا أفعل.
أشار عليَّ أحدهم أن أكلمهنّ في المناسبات فقط، وهذا ما أفعله مع الأقارب الذين يؤذونني دون أن أخبر أمّي؛ حتى لا أغضبها عليَّ، ولكني متأكد أنها ستعرف؛ لأنه سيصلها أني كلمتهنّ، وسوف تغضب عليَّ، فماذا أفعل؟ هل أطيع أمّي، وأقطع من يؤذيها، أم أخالفها وأكلمهنّ في المناسبات؛ وبهذا تكون غضبت عليَّ؟ أم ماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فلا تلزمك طاعة أمّك في قطع خالاتك بسبب ظلمهنّ، وإساءتهنّ إليها؛ فطاعة الأمّ واجبة في المعروف، وقطع الرحم ليس من المعروف، وقد سبق لنا بيان وجوب صلة القريب المؤذي بالقدر الذي لا يحصل منه ضرر.

فاجتهد في صلة خالاتك دون علم أمّك.

وإذا خشيت من علمها وغضبها؛ فاقتصر على القدر الأدنى من الصلة.

واحرص على بذل النصيحة لخالاتك، وأمرهنّ بالمعروف، ونهيهنّ عن المنكر، وحاول الإصلاح بينهنّ وبين أمّك.

وراجع الفتاوى: 348340، 54657، 53999.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني