الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

من بعد التحية للقائمين على هذه الصفحة، لديَّ بعض الأسئلة حول استجابة الله لعباده.
أصبحت تساورني بعض الشكوك، وأفر منها للاستغفار مباشرة، ولا أريد أن تصبح نوعا من الوساوس. لهذا السبب أطرح استشارتي وقصتي باختصار شديد.
أنا شاب تعرضت لظروف في بلد الاغتراب أدت إلى توقف حياتي توقفا شبه تام تقريبا؛ لأسباب صحية، وأسباب عامة حدثت للدول بسبب الظروف التي طرأت على جميع الدول.
ومنذ تعرضي لذلك الحادث ازدادت عليَّ المصائب، ولا أرى أو أشاهد أيَّ فرج، أو حتى اقترابه. وتتنوع الشدائد من الضائقة المالية إلى بعض المشاكل الصحية التي لم أتعافَ منها حتى الآن جراء ذلك الحادث.
لا أرى توفيقا لا في العمل، ولا في السفر، ولا في الارتباط، حتى أني سأدخل في الثلاثين من عمري بعد عامين، و إلى لآن لم أنجز أيَّ شيء يُذكر؛ رغم أنني سعيت، وحاولت إلى أن شاء الله، وتعرضت لذلك الحادث.
هل فعلا إذا كُتب على الشخص أنه شقي، سيبقى شقيًّا حتى آخر حياته؟ وما هي الحكمة من تأجيل الله لاستجابة دعاء شخص في أشد الحاجة للفرج؟
ولكي نكون على بينة ووضوح: أنا التزمت بالصلاة منذ قرابة الشهر، راجيا من الله أن يفرجها عليَّ، رغم أنني لم أكن أعصي الله بشيء، ولكن كان هنالك تقصير في الصلاة، وأحاول لليوم تنظيمها بعونه تعالى.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالله تعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، فهو لا يؤخر إجابة الدعاء إلا لما في ذلك من الحكمة البالغة، والعبد كلما دعا كان ذلك خيرا له، وكان دعاؤه مستجابا، لكن صورة الإجابة هي التي تختلف وفق حكمة الله تعالى، فإما أن يتحقق مطلوبه، وإما أن يصرف الله عنه من السوء مثله، وإما أن يدخر له ثواب دعوته ليوم القيامة؛ كما ورد في الحديث، وانظر الفتوى: 416107.

وإذا علمت هذا، فاستمر في دعائك، وادع وأنت موقن حسن الظن بالله تعالى، عالما أن ما يقدره هو الخير والرحمة والحكمة والمصلحة، وأن الدعاء من أهم وسائل تحقيق المطلوب، ودفع المرهوب، وأنه من قدر الله الذي يدفع به قدر الله تعالى، وارض بما يقدره، واصبر على ما يبتليك به؛ عالما أنه أرحم بك من أمك التي ولدتك، وأن في كل قضائه حكمة تبارك وتعالى.

ثم اعلم أن معصية الله من أعظم أسباب حصول الشر، وتأخير الخير، ومن أعظم المعاصي ترك الصلاة، والتفريط فيها، والتهاون بها؛ فذلك من أكبر الكبائر، وانظر الفتوى: 130853.

فلعل ما ذكرت مما كان يحصل لك هو بسبب ما كان منك من تفريط في الصلاة، وعدم الالتزام بها، فاحمد الله أن هداك إلى صوابك، وعدت إلى الالتزام بصلاتك قبل مماتك، وارج الخير من الله -تعالى-، واحذر من القنوط من رحمته، وأيقن بإجابة دعائك بعد ما التزمت بصلاتك، واستمر على طاعة الله تعالى، واجتهد في مراضيه، وداوم على دعائه سبحانه بما تريد، عالما أن الخير كله بيديه -سبحانه-، محسنا ظنك به تبارك وتعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني