الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلق قلبه بفتاة ويريد خطبتها من أهلها وهو غير قادر على مؤنة الزواج

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله أجمعين.
أنا شاب رزقني الله من العمر إلى حد الآن 20 سنة والحمد لله، لا أريد التكلّم عن نفسي كثيراً، أنا ابن ادم رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيّاً، والله أعلى ويعلم ما في صدري وقلبي.
قصتي هي كالتالي: أحببت فتاة في الله، تصغرني سناً، وأُعجبتُ بها. وأول مرة تكلمت فيها معها كان عبر موقع تواصل اجتماعي، وكان هكذا دائما. هذه الفتاة تربطها علاقة جيدة جداً مع أمي، كنت أراها الفتاة المؤمنة الطموحة، وهكذا بدأت التعبير عن إعجابي بها بطريقة غير مباشرة من خلال الحديث معها عبر موقع تواصل اجتماعي، وكنت أشعر أيضا أنها تبادلني نفس الشعور.
لم أكن أتكلم معها بشكل يومي، بل كان كل فترة وفترة يوجد حديث بيننا، وكان الحديث بيننا لا يتجاوز الحدود، كنت أحاول دائما أن لا أتجاوز الحدود وهي كذلك، ولم يبح أي أحد منا بالتعبير عن حبه للآخر بطريقة مباشرة.
كنت دائما أريد أن أرضي الله ولا أعصيه وما زلت، ففي أحد الأيام فكرت جيداً وقلت إن هذا الأمر لا يجوز هكذا، قد تتقوى العلاقة بيننا ونتعلّق ببعضنا أكثر، وقد يفتن الشيطان بيننا ويؤدي هذا الأمر إلى مخالفة أمر الله -والعياذ بالله- فقررت أن ألغي موقع التواصل الاجتماعي هذا الذي يسمح لي بأن أتكلّم معها بدون أن أخبرها بنيّتي، ولكنها بقيت عندي في موقع تواصل اجتماعي آخر، لكن لم نتكلم فيه.
مرّت الأيام، أي مرت فترة طويلة ولم نتحدث فيها، لكن كانت كل يوم تخطر على بالي، والله لا أبالغ كل يوم كانت تخطر وتجول في بالي.
فأصبح الأمر يزعجني قليلاً، أصبحت أتساءل: هل هذا وسواس ووهم، أم هو إلهام من الله -سبحانه وتعالى- بحبّها، وكنت أشعر دائما أنها تبادلني نفس الشعور.
حاولت أن أروي قصتي باختصار، وهذا ما استطعت أن أقوله.
فسؤالي هو: ماذا يجوز لي أن أفعل في هذا الأمر: هل أستطيع أن أتكلم مع أهلها، وأن أظهر لهم نيّتي ومشاعري تجاهها؟ علماً بأنّي حالياً غير جاهز للتقدم إلى خطبتها، فأنا في الوقت الحالي طالب جامعي، ومسؤوليتي كبيرة وغير جاهز أيضاً من نواحي أخرى. لكن أريد أن أعرف كيف أتصرف؟ وكيف أُرضي الله -عزّ وجل- في هذا الأمر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أحسنت بقطع وسيلة المحادثة مع هذه الفتاة، وننصحك بالابتعاد عن كل وسائل التواصل التي تمكنك من التخاطب أو التواصل مع هذه الفتاة أو مع غيرها من الأجنبيات؛ إذ لا يجوز شرعا للرجل أن يكون على علاقة بامرأة أجنبية، وسبق أن بينا ذلك في الفتويين: 30003، 4220.

ولا نرى فائدة من تكليمك لأهلها، وإظهار نيتك ومشاعرك تجاهها لهم ما دمت غير جاهز للزواج ولمسؤولياته، إلا إن كنت تأنس منهم إن فعلت ذلك أنهم سيراعون حالتك، ويصبرون عليك حتى تنهي دراستك، وتتيسر أمورك وتتهيأ ظروفك.

ونحن ننصحك أن تبتغي أولا الأسباب التي تعينك على تحقيق مبتغاك، ومن ذلك مؤنة الزواج، وهي تكاليفه، وهي من الباءة التي ورد ذكرها في الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.

ولمزيد من الفائدة، راجع الفتوى: 14223.

ونوصيك بالإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله -تعالى- أن ييسر لك أسباب العفاف، ويبعدك عن كل ما يسخطه -سبحانه وتعالى- فقد أمر الله بالدعاء، ووعد الداعي بالإجابة، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

ونوصيك بالصوم، وبالصحبة الصالحة، وبطلب العلم الشرعي حتى ييسر الله تعالى لك الزواج، وانظر لمزيد من الفائدة، الفتوى: 411667.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني