الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكمة الله في إمهال العصاة

السؤال

أعرف أشخاصا يعملون أعمالا سيئة، ويتعاملون مع السحرة، ويؤذون بعض الناس. ولكن الغريب أنهم يعيشون حياة مستقرة وسعداء، وأبناؤهم بارون بهم. فلماذا لا يعاقبهم الله بسبب أعمالهم، وإيذائهم للناس؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن الله -عز وجل- له الحكمة البالغة في أفعاله في خلقه، والواجب التسليم له في ذلك، فهو -سبحانه- لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، قال تعالى: وَاللهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ {الرعد:41}، وقال: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء:23}.

وهذا لا يعني أن لا يلتمس الناس الحكمة، بل لا بأس بالتماسها. فإن أدركناها، فالحمد لله، وإلا فنبقى على الإيمان والتسليم.

والرب -تبارك وتعالى- قد يعطي الإنسان، ويمده من نعمه، وهو مقيم على معاصيه، ابتلاء له وامتحانا، وذلك من باب الاستدراج. وقد يباغتهم بعده بشيء من الهلاك، روى الطبراني عن عقبة بن عامر الجهني -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا رأيت الله يعطي العبد ما يحب وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك له منه استدراج. ثم نزع بهذه الآية: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الأنعام 45:44}.

وقد لا يعاجله بالعقوبة، ولا يعني ذلك أنه في عافية من البلاء، بل قد يكون حاله أعظم خطرا بأن يكون الله -تعالى- أمسك عنه العقوبة في الدنيا؛ ليغلظ عليهم العذاب في الآخرة، كما في سنن الترمذي من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه، حتى يوافي به يوم القيامة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني