الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المحرم من وسائل الإعانة على الإثم والعدوان هو ما كان مباشرًا أو مقصودًا

السؤال

أعمل في شركة أجنبية لتطوير الفحوص الطبية الوراثية، ونعمل حاليا على تطوير وسيلة طبية للكشف المبكر عن قابلية فئة من الناس للإصابة بمرض معين، بالنظر إلى تركيبتهم الوراثية، والجهاز الذي توصلنا إليه في الوقت الحالي يعطي نتائج موثوقة جزئيا إذا أخذنا بعين الاعتبار أعمار المرضى، بالإضافة إلي جنسهم وأصولهم العرقية، في حين أن التركيبة الوراثية تضيف نسبة ضئيلة فقط للإمكانية التي تتمتع بها هذه الوسيلة الطبية لاستشراف المرض، وهذه الجزئيات موضحة في مقال علمي.
والآن مررنا إلى مرحلة التجارب لإثبات الفاعلية على المرضى، وبعد هذه المرحلة تأتي مرحلة تسويق هذه الوسيلة الطبية، لكن ضعف الجانب الوراثي في إمكانية الاستشراف التي تتمتع بها هذه الوسيلة يظهر أقل في الملفات المعدة حاليا.
وسؤالي هو: كون عملي ينحصر في التحليلات التقنية، وإرسال النتائج بكل موضوعية للمسؤولين، وتنبيههم إلى مدى نقص دقة النتائج، وإلى ضآلة الوراثة في قوة الاستشراف التي تتمتع بها هذه الوسيلة الطبية، وإلى إمكانياتها الاستشرافية الناقصة والجزئية -كما قلت سابقا، قوة هذه الوسيلة راجعة أساسًا إلى عوامل أخرى غير الوراثة، كما أن فعالية هذه الوسيلة تكون بشكل أكبر لدى المرضى المنتمين إلى شرائح الأعمار الأكبر-.
فهل عليَّ شيء في مواصلة العمل في هذه الشركة إذا أصرَّ مسؤولوها على تسويق هذا المنتج على أنه وسيلة فعالة للتشخيص وراثيًّا، رغم علمهم بنقائصه التي ذكرتها مسبقا؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فطالما أن العامل الوراثي لا يضيف إلا نسبة ضئيلة للإمكانية التي تتمتع بها هذه الوسيلة الطبية لاستشراف المرض، فلا يجوز التسويق لها على أنها فعالة للتشخيص وراثيا، لما في ذلك من الكذب والغش، وهذا ظاهر.

وأما بخصوص عمل السائل في هذه الشركة، والذي ينحصر في التحليلات التقنية، وإرسال النتائج بكل موضوعية للمسؤولين؛ فلا يظهر لنا الحكم بحرمته، بسبب غش إدارة الشركة في التسويق؛ لأنه لا يعين على الغش، وليس لخصوص عمله علاقة مباشرة به.

والمحرم من وسائل الإعانة على الإثم والعدوان هو ما كان مباشرًا، أو مقصودًا.

وراجع في أقسام الإعانة على الإثم والعدوان الفتوى: 321739.

ومع عدم الحكم بحرمة عمل السائل، فإن عليه -بقدر الإمكان- أن يكرر تنبيهه للمسؤولين إلى نقص دقة النتائج، وإلى ضآلة العامل الوراثي في قوة استشراف هذه الوسيلة للمرض، وينصحهم بالموضوعية والصدق في التسويق لها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني