الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات حول الحقوق المتنازع عليها والمطالبة بها

السؤال

توفي والدي قبل أكثر من ثلاثين سنة، ونحن صغار، ثم كبرنا ولم تقسم التركة. ثم اختلفنا في القسمة؛ فتم رفع الأمر إلى القضاء للفصل في النزاع.
وأثناء المرافعات تقدمت أختي للمحكمة بأنها أقرضت والدي ذهبا لإكمال بناء منزلنا، ولم نعلم بذلك طول السنين الماضية، ولم يوص الوالد -رحمه الله- بذلك، مع أنه -رحمه الله- وبشهادة أصدقائه، كان حريصا على رد الحقوق لأصحابها، وكتابة الوصايا، وكان سبب موته المرض.
فهل لأختي الحق في الدعوى؟ لا سيما وأنها قد قالت عند بعض الأقارب إنها مسامحة له؟ وقد طلب القاضي يمينها أنها أقرضته؛ فحلفت أنها أقرضته، ولم تسامحه. وفي نيتها أن تكفر عن تلك اليمين.
أفيدونا عن حكم مطالبتها بحقها، وعن يمينها هل لها كفارة؟ وعن المال الذي ستأخذه هل لها الحق فيه ديانة؛ لأن القاضي حكم لها بحقها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الفصل في قضايا المنازعات محلُّهُ المحاكمُ الشرعية، أو من ينوب منابها، وذلك لأنها الأقدر على السماع من أطراف النزاع، وإدراك حقيقة الدعاوي والبينات والدُّفُوع، ثم إصدار الحكم المؤسس على ذلك.

وأما المفتي فإنه لا يَسْمَع إلا من طرفٍ واحد، ولن يكون تصوره للمسألة إلا بحسب ما تُتِيْحُه طريقةُ الاستفتاء، ولذلك لا يستطيع إصدار الحكم الدقيق في مثل هذه القضايا، وما سنذكره هنا إنما هو على سبيل العموم والإرشاد والتوجيه. فنقول:

إن كل من له حق ثابت على الميت - من قرض أو غيره - لم يسقطه عنه، فإنه يجوز له المطالبة به أمام القضاء.

وأما إذا أسقط الدين فليس له الرجوع والمطالبة به، فالمقرر أن الساقط لا يعود.

كما سبق في الفتوى: 200950

وقول الشخص عن الميت إنه (مسامح له) ليس صريحا في الإخبار عن إسقاط الدين عن الميت في حياته، أو إسقاطه عن الورثة، فقد يقصد مسامحة الميت عن المماطلة في الوفاء بالدين مثلا.

ولصاحب الحق أن يحلف على حقه ما دام صادقا، وأما الحلف كذبا: فهي اليمين الغموس، وهي من أكبر الكبائر، ولا يحل للحالف ما أخذه بتلك اليمين، ولا ينفعه التكفير عن يمينه، بل لا بد من التوبة النصوح، ومن شروط التوبة: أن يرد الحق الذي أخذه بسبب تلك اليمين.

فحكم القاضي لا يحل حراما. ففي الصحيحين عن ‌أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم ‌ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا بقوله، فإنما أقطع له قطعة من النار، فلا يأخذها.

وانظر الفتويين: 153283 - 128684.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني