الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مطالبة الإنسان بحقوقه لا تعني الاعتراض على القدر

السؤال

أعمل في إحدى الدول الخليجية منذ عام، وفي البداية بعد وصولي لهذا البلد بـ 3 شهور، وفقني الله في عمل بإحدى الشركات، لكن براتب بسيط. مع العلم بأن المسؤول عن الشركة قد وعدنا بالزيادة من بداية العام 2004. وفي الشهر الأول من بداية العمل، وعن طريق أحد أقاربي هنا تم البحث لي عن عمل آخر براتب مجز. وكنت في غاية الحيرة ما بين هذا وذك، لكنني استخرت الله -سبحانه وتعالى- في هذا الأمر، واستكملت طريقي للعمل بالشركة الأولى بتوفيق من الله، لكن حدثت بعض الأمور في هذه الشركة، ومن أهم هذه الأمور مسألة تأخير الرواتب، مع العلم أنه لم يتم إعطاؤنا حقوقنا كاملة منذ شهر نوفمبر 2003، وها نحن الآن في نهاية مايو 2004، ولكني صبرت؛ لأنني أوقن تمام اليقين بأن الله -سبحانه وتعالى- لا يريد إلا الخير لعباده، لكن خلق الإنسان بطبعه عجولاً، وأنا في أمس الحاجة للمال لتكوين نفسي مثل أي شاب مسلم يريد العفة والعفاف.
آسف للإطالة لكن سؤالي لفضيلتكم: هل من حقي أن أطالب بحقي كاملاً، أم هذا فيه معارضة لأمر الله -جل جلاله- حينما أمرنا بالصبر؟
في حالة وجود عمل آخر: هل أترك العمل الحالي وأذهب لعمل جديد، أم هذا أيضاً فيه مخالفة لأمر المولى -عز وجل- علما بأني قمت بالاستخارة في بداية الأمر، والآن أرى أمورا أخرى في هذه الشركة من نقص الأموال، وقلة المبيعات ومعاذ الله أنني أتطلع للغيب، ولكن ما أشاهده هو الحقيقة والله عالم الغيب والشهادة؟
أرجو إفادتي.
وشكراً لقراءتكم لكلماتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن الشرع أمرنا بطلب ما ينفعنا من أمورنا الدينية والدنيوية.

أخرج الإمام أحمد في مسنده، والإمام في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ، خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ.

احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجَزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.

ولا شك أن مطالبتك بحقوقك كاملة من هذه الشركة، أو تحولك عنها إلى شركة أنفع لك وأجدى، داخلٌ في ما أمر به الشرع من الحرص على المنفعة المباحة، والتسبب المأمور به في تحصيل الرزق، كما قال الله تعالى: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [سورة الملك: 15].

وليس في ذلك اعتراض على قدر الله، فإنك تفر بهذا من قدر الله، إلى قدر الله، وتدفع القدر بالقدر.

والاستخارة في مثل هذا مشروعة، وراجع الفتوى: 25038.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني