الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قضاء الدين مقدم على تقسيم الميراث

السؤال

لدي سؤال حيرني وأرجو من الله أن ألقى له إجابة عندكم ولكم جزيل الشكر سلفاً. أنا والدي توفي قبل ثلاث سنوات تقريبا رحمه الله وكانت ولا زالت عليه ديون تعتبر كثيرة ووالدي والحمد الله ترك لنا أملاكا نستطيع بيع جزء منها وتسديد هذه الديون فقمت أنا الأخ الأكبر في العائلة بطرح بيع عقار من عقاراته وتسديد ديونه على الوالدة والإخوة والأخوات ولكن تسبب هذا الموضوع في خلاف كبير بيننا مع العلم أني أنا الأخ الأكبر ولي سنتان وابتدأت في الثالثة ولم أجد عملا إلى الآن مع أني تخرجت من الجامعة في تخصصص ممتاز حيث إن كل زملائي قد عملوا لم يبق إلا أنا فأخبرني أحدهم أن الله لن يوفقني بعمل أو بشيء آخر إلا عندما تقضى ديون والدي فأنا والله محتار جدا وكثيرا لا أعرف ماذا أفعل فإني أدعو الله دائما أن يعينني على قضاء دين والدي فأرجو من فضيلتكم وسماحتكم أن تفتوني في أمري وجزاكم الله عنا خيرا....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يحق للورثة شيء من تركة مورثهم إلا بعد قضاء ديونه وتنفيذ وصيته من الثلث إن كانت له وصية، لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء: 11}.

والواجب عليكم أن تبادروا بقضاء دين أبيكم ما دامت له أملاك تستطيعون سداد الدين منها، فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال نفس ابن آدم معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه الإمام أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.

ولذلك فلا يحق لوالدتك ولا إخوتك الاعتراض على بيع بعض ممتلكات أبيك أو كلها إذا كان ذلك لقضاء ديونه، لأنها مقدمة على حقهم في التركة؛ كما مر في الآية الكريمة.

وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 27429، 38260.

وفيما يخص تعطلك عن العمل، فيمكن أن يكون سببه المخالفة الشرعية التي وقعتم فيها من أخذ مال أبيكم والانتفاع به وترك ديونه، وخاصة أنك الابن الأكبر، فينبغي أن تكون المسؤول الأول، ولا شك أن للذنوب والمخالفات الشرعية أثرا كبيراً فيما يصيب العبد من نكبات وعراقيل في هذه الحياة، كما قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن العبد يحرم الرزق بذنب يصيبه. رواه الإمام أحمد وحسنه الأرناؤوط.

والحاصل أن عليكم أن تبادروا بقضاء ديون أبيكم ما دام له من المال ما يكفي لقضائها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني