الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يأخذ الأب غير المحتاح من مال ولده بحجة إنفاقه عليه في صغره

السؤال

أنا زوجة أرافق زوجي حيث يعمل خارج البلاد واشتغلت فى بعض المدارس، طلب مني والدي شراء شقة جدتي من أمي بعد وفاتها واشتريتها إرضاء لوالدي لكي يعيش في مكان أوسع هو وإخوتي وكان هدفي أن الشقة لوالدي طوال حياتهم وطلبت أن تكتب باسمي حتى لا تصبح إرثا لإخوتي، لكن والدي كتبها باسم أمى لعدم حدوث مشاكل مع الورثة فدفعت ثمن الشقة بما فيها نصيب أمي، لكن نظراً لعدم تواجدي علمت من إخوتي أنه أخذ مني أكثر من السعر الحقيقي بخمسة آلاف دون أن يخبرني، ومع ذلك سامحتة طلب مني تشطيب الشقة أرسلت له مبلغا وأخبرته ألا يضع ريالا واحد من جيبه في هذه الشقة وإن احتاج مبلغا آخر يعلمني حيث إنني لا أريد أن تصبح الشقة إرثا لإخوتي أو يحدث مشاكل بيني وبين إخوتي، لكي أرسل له علمت بعد ذلك أنه دفع مبلغ ستة آلاف أخرى من عنده لتشطيب الشقة بعد ذلك عند نزولي إجازة رغبت فى الجلوس فى هذه الشقة حيث إنه لا يعيش فيها، ونظرا لأن شقة زوجي كانت مؤجرة فرفض والدي وطلب مني أن أدفع له عشرين ألف ثمن تشطيبه للشقة هذا غير المبلغ الذى أرسلته له لتشطيب الشقة لكي يكتبها باسمي حاولت التفاهم معه لكنه وضعني بين خيارين إما أدفع له 15 ألف مقابل التشطيب ويكتب الشقة باسمي وفي هذه الحالة أكون تكلفت 51 ألف في شقة عندما أعرضها للبيع لا تستحق 25 ألف حتى تشطيب الشقة عندما رأيتها لا تستحق من حيث التكلفة أكثر من 10 آلاف، أما الخيار الآخر هو أن يشترى مني الشقة 20 ألف وبالتقسيط ونظراً لظروفي والمشاكل بيني وبين زوجي، فأنا أتوقع الطلاق بين لحظة وأخرى ففضلت أن أدفع 15 ألف حتى تكتب باسمي وزوجي كل مرة يعايرني بأن والدي سرقني وأرد على كلامه أني أعتبرها مساعدة لهم فى كبرهم لكن أنا حزينة فعلا أن والدي يعمل معي هكذا، ولو كان طلب أي مساعدة لم أكن لأترد بالرغم أني أساعده بإرسال مبلغ بسيط للأسرة كل فترة وبالرغم أنه لا يعاني حاليا من أي ضائقة مالية، وليس عليه ديون، بالعكس هو يجمع المال بالرغم أني أعاني أنا وأختي من ظلمه وكان دائما يردد أنا أكره البنات بالرغم أن الأبناء فاشلين في مستوى دراستهم وأقل مكانه علمية وأقل مستوى في العمل وفي مقابل ذلك أنا وأختي مستوى تعليمنا جيد وعملنا بمستوى جيد ولم نلق من والدنا سوى التقليل منا حتى أنه يفكر في شراء شقة ويكتبها باسم إخوتي الذكور ويتركها لهم فى حين أن أختي مريضة، ومع ذلك لم يفكر أن يساعدها كما يفكر فى الذكور، أستحلفكم بالله ما حكم الدين فى هذا لأنه أخذ المال مني بدون رضا نفس أم ذلك من حق والدي على حد قوله مقابل تربيتي وتعليمي، ما حكم الدين في أب يساعد الذكور، وكذلك المتزوج في حين لا يرغب فى مساعدة البنات وحتى أنه رفض مساعدتي فى المستلزمات التي علي للزواج ومقولته الشهيرة أن على كل بنت أنها تجهز نفسها كفاية أني علمت وربيت وتتحمل هي أي مستلزمات، ولكن أنا ظروفي أني تزوجت وسافرت لزوجي بإحدى دول الخليج، قبل تجهيز شقة الزوجية ومر على زواجي حتى الآن أكثر من 8 سنوات، ولم أجهز شقتي وكنت أثناء عملي أشتري بعض مستلزمات شقة الزوجية، ولكن أنا حاليا لا أعمل، ومع ذلك لم يرحمني والدي وطالب بالمبلغ ويعتبر نفسه أنه تنازل عن خمسة آلاف فبدلا من 20 ألف تنازل إلى 15 ألف، ما حكم الضمير والدين فى هذا فأنا أعاني الأمرين زوج ضعيف الشخصية وأب مستبد؟ برجاء الرد علي، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حق الوالدين عظيم ويجب على الولد المحافظة عليه لأنه آكد الحقوق بعد حق الله تعالى، فقد قال سبحانه وتعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، وقال تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد ألزم الله تعالى الوالد بنفقة أبنائه ورعايتهم وتربيتهم وما يترتب على ذلك كما ألزمه بالعدل بينهم.

ولهذا فإن عليك احترام والدك والإحسان إليه وبره والنفقة عليه ورعايته إذا احتاج، ولكن لا يحق له أن يأخذ من مالك إلا ما كان محتاجاً إليه بالفعل ولا يترتب عليه ضرر بالنسبة لك ولو كان ذلك بحجة أنه كان يصرف عليك في الصغر فهو ملزم بذلك شرعاً ولا يحق الرجوع فيه.

وعليه أن يعدل بين أبنائه جميعاً ولا يؤثر البنين على البنات، فهذا من عادات أهل الجاهلية التي قضى عليها الإسلام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء. رواه الطبراني في الكبير والبيهقي في السنن وغيرهما.

ولهذا فإننا ننصح هذا الوالد بتقوى الله تعالى والنصح لأبنائه والعدل بينهم، وعدم أخذ أموالهم بدون حق شرعي، وللمزيد من التفصيل والأدلة وأقوال أهل العلم نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 7490، 6630، 15504، 6242.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني