الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قلت : الأقسام خمسة : أحدها : طبيب حاذق أعطى الصنعة حقها ولم تجن يده ، فتولد من فعله المأذون فيه من جهة الشارع ، ومن جهة من يطبه تلف العضو أو النفس ، أو ذهاب صفة ، فهذا لا ضمان عليه اتفاقا ، فإنها سراية مأذون فيه ، وهذا كما إذا ختن الصبي في وقت ، وسنه قابل للختان ، وأعطى الصنعة حقها ، فتلف العضو أو الصبي ، لم يضمن ، وكذلك إذا بط من عاقل أو غيره ما ينبغي بطه في وقته على الوجه الذي ينبغي فتلف به ، لم يضمن ، وهكذا سراية كل مأذون فيه لم يتعد الفاعل في سببها ، كسراية الحد بالاتفاق .

وسراية القصاص عند الجمهور خلافا لأبي حنيفة في إيجابه الضمان بها ، وسراية التعزير ، وضرب الرجل امرأته ، والمعلم الصبي ، والمستأجر الدابة ، خلافا لأبي حنيفة والشافعي في إيجابهما الضمان في ذلك ، واستثنى الشافعي ضرب الدابة .

وقاعدة الباب إجماعا ونزاعا : أن سراية الجناية مضمونة بالاتفاق ، وسراية الواجب مهدرة بالاتفاق ، وما بينهما ففيه النزاع .

فأبو حنيفة أوجب ضمانه مطلقا ، وأحمد ومالك أهدرا ضمانه ، وفرق الشافعي بين المقدر ، فأهدر ضمانه وبين غير المقدر فأوجب ضمانه . فأبو حنيفة نظر إلى أن الإذن في الفعل إنما وقع مشروطا بالسلامة ، وأحمد ومالك نظرا إلى أن الإذن أسقط الضمان ، والشافعي نظر إلى أن المقدر لا يمكن النقصان منه ، فهو بمنزلة النص ، وأما غير المقدر كالتعزيرات والتأديبات فاجتهادية ، فإذا تلف بها ، ضمن ، لأنه في مظنة العدوان .

التالي السابق


الخدمات العلمية