الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  8 (وقال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة)

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  معاذ بضم الميم ابن جبل بن عمرو بن أوس بن عايذ بالياء آخر الحروف والذال المعجمة ابن عدي بن كعب بن عمرو بن أدى بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بالتاء المثناة من فوق ابن جشم بن الخزرج الأنصاري، أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وشهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، ثم شهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة حديث وسبعة وخمسون حديثا، اتفقا على حديثين وانفرد البخاري بثلاثة، وانفرد مسلم بحديث واحد، روى عنه عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو، وأبو قتادة وجابر وأنس وغيرهم. توفي في طاعون عمواس بفتح العين المهملة والميم موضع بين الرملة وبيت المقدس سنة ثماني عشرة، وقيل: سبع عشرة وعمره ثلاث وثلاثون سنة.

                                                                                                                                                                                  وهذا الأثر أخرجه رستة عن ابن مهدي: حدثنا سفيان، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال عنه، وهذا إسناد صحيح. ورواه أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، عن عبد الجبار بن العلاء، حدثنا وكيع، عن الأعمش ومسعر، عن جامع بن شداد به.

                                                                                                                                                                                  قوله " نؤمن ساعة " لا يمكن حمله على أصل الإيمان لأن معاذا كان مؤمنا وأي مؤمن! فالمراد زيادة الإيمان أي اجلس حتى نكثر وجوه دلالات الأدلة الدالة على ما يجب الإيمان به.

                                                                                                                                                                                  وقال النووي: معناه نتذاكر الخير وأحكام الآخرة وأمور الدين; فإن ذلك إيمان.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن المرابط: نتذاكر ما يصدق اليقين في قلوبنا لأن الإيمان هو التصديق بما جاء من عند الله تعالى، فإن قلت: من هو الذي قال له معاذ اجلس بنا؟ قلت: قالوا هو الأسود بن هلال، وروى ابن أبي شيبة في مصنفه: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال المحاربي، قال: قال لي معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة، يعني نذكر الله، فإن قلت: روى ابن أبي شيبة أيضا، عن أبي أسامة، عن الأعمش، عن جامع بن شداد، عن الأسود بن هلال قال: كان معاذ يقول لرجل من إخوانه: اجلس بنا فلنؤمن ساعة، فيجلسان يتذاكران الله ويحمدانه، انتهى.

                                                                                                                                                                                  فهذا يدل على أن الذي قاله معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة، غير الأسود بن هلال، قلت: يجوز أن يكون قال له مرة وقال لغيره مرة أخرى، فافهم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية