الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  يعني فسر ابن عباس قوله تعالى قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم فقال: المراد من الدعاء الإيمان، فمعنى دعاؤكم إيمانكم، وأخرجه ابن المنذر بسنده إليه أنه قال: لولا دعاؤكم لولا إيمانكم.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن بطال: لولا دعاؤكم الذي هو زيادة في إيمانكم.

                                                                                                                                                                                  قال النووي: وهذا الذي قاله حسن; لأن أصل الدعاء النداء والاستغاثة; ففي الجامع سئل ثعلب عنه; فقال: هو النداء، ويقال: دعا الله فلان بدعوة فاستجاب له.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن سيده: هو الرغبة إلى الله تعالى، دعاه دعاء ودعوى حكاها سيبويه، وفي الغريبين: الدعاء الغوث، وقد دعا أي استغاث.

                                                                                                                                                                                  قال تعالى: ادعوني أستجب لكم وقال بعض الشارحين: قال البخاري: ومعنى الدعاء في اللغة الإيمان ينبغي أن يثبت فيه; فإني لم أره عند أحد من أهل اللغة.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: تفسيره في الآيتين يدل على أنه قابل للزيادة والنقصان أو أنه سمى الدعاء إيمانا، والدعاء عمل.

                                                                                                                                                                                  واعلم أن من قوله وقال ابن مسعود إلى هنا غير ظاهر الدلالة على الدعوى، وهو موضع بحث ونظر.

                                                                                                                                                                                  وقال النووي: اعلم أنه يقع في كثير من نسخ البخاري، هذا باب دعاؤكم إيمانكم إلى آخر الحديث بعده، وهذا غلط فاحش وصوابه ما ذكرناه أولا وهو دعاؤكم إيمانكم.

                                                                                                                                                                                  ولا يصح إدخال باب هنا لوجوه، منها أنه ليس له تعلق بما نحن فيه، ومنها أنه ترجم أولا بقوله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام "، ولم يذكره [ ص: 118 ] قبل هذا وإنما ذكره بعده، ومنها أنه ذكر الحديث بعده، وليس هنا مطابقا للترجمة.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: وعندنا نسخة مسموعة على الفربري وعليها خطه، وهو هكذا دعاؤكم إيمانكم بلا باب ولا واو.

                                                                                                                                                                                  قلت: رأيت نسخة عليها خط الشيخ قطب الدين الحلبي الشارح، وفيها باب دعاؤكم إيمانكم، وقال صاحب التوضيح: وعليه مشى شيخنا في شرحه، وليس ذلك بجيد لأنه ليس مطابقا للترجمة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية