الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        فصل [في قضاء الطعام بعضه من بعض بعد محل الأجل وقبله]

                                                                                                                                                                                        وإن أسلم في مائة إردب سمراء، وأخذ بعد محل الأجل مائة إردب سمراء أجود أو أدنى، جاز، وهو في أجود حسن قضاء، وفي أدنى حسن اقتضاء، [ ص: 2952 ] ويجوز أن يأخذ أجود وأكثر كيلا، أو أدنى وأقل كيلا، ولا يأخذ أجود وأقل كيلا، ولا أدنى وأكثر كيلا، وهو ربا.

                                                                                                                                                                                        ولا يجوز أن يأخذ قبل محل الأجل إلا مثل الكيل والصفة سواء، ولا يأخذ أجود ولا أكثر كيلا، فيكون ضمانا بجعل، ولا أدنى صفة ولا أقل كيلا، فيكون قد وضع وتعجل.

                                                                                                                                                                                        ولا يجوز أن يأخذ أجود صفة وأدنى كيلا، ولا أدنى صفة وأكثر كيلا، فيدخله التفاضل والطعام بالطعام ليس يدا بيد.

                                                                                                                                                                                        وإن كان السلم في سمراء وأخذ محمولة، فإن استوى الكيل وحل الأجل جاز، وإن كانت المحمولة أكثر كيلا، لم يجز.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا كانت أدنى كيلا وأخذ خمسين محمولة عن مائة سمراء، فأجاز ذلك ابن القاسم مرة؛ لأن المحمولة أدنى صفة، ومنعه أخرى، لإمكان أن يرغب فيها في بعض الأوقات، وبالأول قال أشهب، وإن أخذ خمسين محمولة عن خمسين سمراء، ثم حط الباقي جاز.

                                                                                                                                                                                        ولا يجوز أن يأخذ عن مائة محمولة خمسين سمراء، وذلك ربا، ترك فضل [ ص: 2953 ] كيل المحمولة لموضع جودة السمراء، فإن أخذ خمسين سمراء عن خمسين محمولة ثم حط الخمسين الباقية من المحمولة جاز على مغمز فيه.

                                                                                                                                                                                        قال في كتاب السلم الثالث: أرجو أن لا يكون به بأس؛ لأني أخاف أن يكونا عملا على ذلك من الأول، فأخذ خمسين سمراء عن مائة محمولة وأظهرا أنها خمسون عن خمسين ثم حط الباقي.

                                                                                                                                                                                        وأجاز أن يأخذ عن مائة إردب حنطة مائة إردب شعيرا، وسواء كانت الحنطة من بيع أو قرض. وقال فيمن أخذ مائة إردب دقيقا عن مائة إردب حنطة: لا بأس به من قرض، ولا خير فيه من بيع.

                                                                                                                                                                                        فمنع ذلك في البيع مراعاة لقول من قال: إن الطحين صنعة، فيدخله بيع الطعام قبل قبضه، ويلزم على قوله أن لا يأخذ شعيرا، بل هو أولى بالمنع، لقوة الخلاف فيه، وأما القمح والشعير صنفان يجوز التفاضل بينهما.

                                                                                                                                                                                        وإن أسلم في تمر فلا بأس أن يأخذ بعد محل الأجل تمرا مثل كيله وإن اختلفت الجودة، وأن يأخذ مثله في الجودة وإن اختلف في الكيل والجودة وكان أحدهما أكثر كيلا وأجود، جاز، وإن كان أجود وأقل كيلا أو أدنى وأكثر كيلا، لم يجز.

                                                                                                                                                                                        وعلى هذا يجري الجواب في اللحم إذا أحب أن يأخذ لحما غير ما أسلم فيه.

                                                                                                                                                                                        تم السلم الأول، بحمد الله وعونه

                                                                                                                                                                                        [ ص: 2954 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية