[ ص: 517 ] قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28723_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد nindex.php?page=treesubj&link=28723_30347_31753_32438_32445_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير nindex.php?page=treesubj&link=29693_30525_30526_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير nindex.php?page=treesubj&link=28723_34273_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=31وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير nindex.php?page=treesubj&link=28659_32433_32438_33679_34277_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=32ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام nindex.php?page=treesubj&link=28659_31758_32433_33679_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور
هذه تعديد نعمة الله تعالى الدالة على وحدانيته، وأنه الإله الذي يستحق أن يعبد دون سواه من الأنداد، وقرأ "ينزل" بالتثقيل جمهور القراء، وقرأ "ينزل" مخففة
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو ، ورجحها
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم ، وقرأ جمهور الناس:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28 "قنطوا" بفتح النون، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يحيى بن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش بكسر النون، وقد تقدم ذكرها وهما لغتان: قنط وقنط، وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قيل له: أجدبت الأرض وقنط الناس، فقال: مطروا إذا، بمعنى: أن الفرج عند الشدة.
واختلف المتأولون في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وينشر رحمته فقالت فرقة: أراد بالرحمة: المطر، وعدد النعمة بعينها بلفظين الثاني منهما يؤكد الأول، وقالت فرقة: الرحمة في هذا الموضع: الشمس، فذلك تعديد نعمة غير الأولى، وذلك أن المطر إذا ألم بعد القنط حسن موقعه، فإذا دام سئم، فتجيء الشمس بعده عظيمة الموقع. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وهو الولي الحميد أي: من هذه أفعاله، فهو الذي ينفع إذا والى، وتحمد أفعاله ونعمه، لا كالذي لا يضر ولا ينفع من أوثانكم.
ثم ذكر تعالى الآية الكبرى، والصنعة الدالة على الصانع، وذلك خلقه السماوات والأرض، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وما بث فيهما من دابة : يتخرج على وجوه: منها أن يريد أحدهما فيذكر الاثنين، كما قال تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ، وذلك
[ ص: 518 ] إنما يخرج من الملح وحده، ومنها أن يكون تعالى قد خلق السماوات وبث دواب لا نعلمها نحن، ومنها أن يريد الحيوانات التي توجد في السحاب، وقد يقع أحيانا كالضفادع ونحوها، فإن السحاب داخل في اسم السماء، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال في تفسيرها:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وما بث فيهما من دابة هم الناس والملائكة.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وبعيد غير جار على عرف اللغة أن تقع الدابة على الملائكة.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وهو على جمعهم يريد: يوم القيامة عند الحشر من القبور.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة ، قرأ جمهور القراء: "فبما" بفاء، وكذلك هي في جل المصاحف. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة : "بما" دون فاء. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أن
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبا جعفر وغيره من المدنيين أثبت الفاء، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي : "أصاب" من قوله تعالى: "ما أصاب" يحتمل أن يكون في موضع جزم، وتكون "ما" شرطية، وعلى هذا لا يجوز حذف الفاء عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وجوز حذفها
nindex.php?page=showalam&ids=13674أبو الحسن الأخفش وبعض البغداديين على أنها مرادة في المعنى، ويحتمل أن يكون قوله: "أصاب" صلة لـ"ما"، وتكون "ما" بمعنى "الذي"، وعلى هذا يجوز حذف الفاء وثبوتها، لكن معنى الكلام مع ثبوتها بالتلازم، أي: لولا كسبكم ما أصابتكم مصيبة، والمصيبة إنما هي بسبب كسب الأيدي، ومعنى الكلام مع حذفها يجوز أن يكون التلازم، ويجوز أن يعرى منه.
وأما في هذه الآية فالتلازم مطرد مع الثبوت والحذف، وأما معنى الآية فاختلف الناس فيه، فقالت فرقة: هي إخبار من الله تعالى، بأن الرزايا والمصائب في الدنيا إنما هي مجازاة من الله تعالى على ذنوب المرء، وتمحيص لخطاياه، وإن الله تعالى يعفو عن كثير فلا يعاقب عليه بمصيبة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=933301 "لا يصيب ابن آدم خدش عود أو عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو عنه أكثر" ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وقد سئل
[ ص: 519 ] عن مرضه: "إن أحبه إلي أحبه إلي الله تعالى، وهذا بما كسبت يداي، وعفو ربي سبحانه كثير". وقال
مرة الهمذاني: رأيت على ظهر كف
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح قرحة، فقلت ما هذا؟ فقال: "هذا بما كسبت يدي ويعفوا عن كثير"، وقيل
لأبي سليمان الداراني : ما بال الفضلاء لا يلومون من أساء إليهم؟ فقال: لأنهم يعلمون أن الله تعالى هو الذي ابتلاهم بذنوبهم. وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"إن الله أكرم من أن يثني على عبده العقوبة إذا أصابته في الدنيا بما كسبت يداه" . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن: معنى الآية في الحدود: أي: ما أصابكم من حد من حدود الله تبارك وتعالى -وتلك مصيبة تنزل بشخص الإنسان ونفسه- فإنما هي بكسب أيديكم ويعفوا الله سبحانه عن كثير، فيستره على العبد حتى لا يحد عليه، ثم أخبر تعالى عن قصور ابن آدم وضعفه، وأنه في قبضة القدرة، لا يعجز طلب ربه عز وجل، ولا يمكنه الفرار منه.
و"الجواري": جمع جارية، وهي السفينة، وقرأ: "الجواري" بالياء
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة ، ومنهم من أثبتها في الوصل ووقف على الراء، وقرأ أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بحذف الياء في وصل ووقف، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : نحن نثبتها في كل حال، و"الأعلام": الجبال، ومنه قول
الخنساء: وإن صخرا لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار
[ ص: 520 ] ومنه المثل: "إذا قطعن علما بدا علم"، فجري السفن في الماء آية عظيمة، وتسخير الريح لذلك نعمة منه تعالى، وهو لو شاء أن يسكن الريح عنها لركدت، أي: أقامت وقرت ولم يتم منها غرض، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم : "الريح" واحدة، وقرأ: "الرياح"
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، وقرأ الجمهور:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33 "فيظللن" بفتح اللام، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : "فيظللن" بكسر اللام، وباقي الآية بين ، فيه الموعظة، وتشريف الصبار الشكور بالتخصيص، والصبر والشكر فيهما الخير كله، ولا يكونان إلا في عالم.
[ ص: 517 ] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28723_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ nindex.php?page=treesubj&link=28723_30347_31753_32438_32445_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ nindex.php?page=treesubj&link=29693_30525_30526_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ nindex.php?page=treesubj&link=28723_34273_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=31وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ nindex.php?page=treesubj&link=28659_32433_32438_33679_34277_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=32وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ nindex.php?page=treesubj&link=28659_31758_32433_33679_34092_29013nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنْ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
هَذِهِ تَعْدِيدُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّالَّةِ عَلَى وَحْدَانِيَّتِهِ، وَأَنَّهُ الْإِلَهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ دُونَ سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ، وَقَرَأَ "يُنَزِّلُ" بِالتَّثْقِيلِ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ، وَقَرَأَ "يُنْزِلُ" مُخَفَّفَةً
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنُ وَثَّابٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ ، وَرُوِيَتْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرُو ، وَرَجَّحَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمٍ ، وَقَرَأَ جُمْهُورُ النَّاسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28 "قَنَطُوا" بِفَتْحِ النُّونِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ بِكَسْرِ النُّونِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا وَهُمَا لُغَتَانِ: قَنَطَ وَقَنِطَ، وَرُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ: أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ وَقَنِطَ النَّاسُ، فَقَالَ: مُطِرُوا إِذًا، بِمَعْنَى: أَنَّ الْفَرَجَ عِنْدَ الشِّدَّةِ.
وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: أَرَادَ بِالرَّحْمَةِ: الْمَطَرُ، وَعَدَّدَ النِّعْمَةَ بِعَيْنِهَا بِلَفْظَيْنِ الثَّانِي مِنْهُمَا يُؤَكِّدُ الْأَوَّلَ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: الرَّحْمَةُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الشَّمْسُ، فَذَلِكَ تَعْدِيدُ نِعْمَةٍ غَيْرَ الْأُولَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَطَرَ إِذَا أَلَمَّ بَعْدَ الْقَنَطُ حَسُنَ مَوْقِعُهُ، فَإِذَا دَامَ سَئِمَ، فَتَجِيءُ الشَّمْسُ بَعْدَهُ عَظِيمَةَ الْمَوْقِعِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=28وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ أَيْ: مِنْ هَذِهِ أَفْعَالُهُ، فَهُوَ الَّذِي يَنْفَعُ إِذَا وَالَى، وَتُحْمَدُ أَفْعَالُهُ وَنِعَمُهُ، لَا كَالَّذِي لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ مِنْ أَوْثَانِكُمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى الْآيَةَ الْكُبْرَى، وَالصَّنْعَةَ الدَّالَّةَ عَلَى الصَّانِعِ، وَذَلِكَ خَلْقُهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ : يَتَخَرَّجُ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا أَنْ يُرِيدَ أَحَدَهُمَا فَيَذْكُرُ الِاثْنَيْنِ، كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ ، وَذَلِكَ
[ ص: 518 ] إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمِلْحِ وَحْدَهُ، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ تَعَالَى قَدْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَبَثَّ دَوَابَّ لَا نَعْلَمُهَا نَحْنُ، وَمِنْهَا أَنْ يُرِيدَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تُوجَدُ فِي السَّحَابِ، وَقَدْ يَقَعُ أَحْيَانًا كَالضَّفَادِعِ وَنَحْوَهَا، فَإِنَّ السَّحَابَ دَاخِلٌ فِي اسْمِ السَّمَاءِ، وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ هُمُ النَّاسُ وَالْمَلَائِكَةُ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَبِعِيدٌ غَيْرُ جَارٍ عَلَى عُرْفِ اللُّغَةِ أَنْ تَقَعَ الدَّابَّةُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=29وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ يُرِيدُ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْحَشْرِ مِنَ الْقُبُورِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ ، قَرَأَ جُمْهُورُ الْقُرَّاءِ: "فَبِمَا" بِفَاءٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي جُلِّ الْمَصَاحِفِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَشَيْبَةَ : "بِمَا" دُوَنَ فَاءٍ. وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبَا جَعْفَرٍ وَغَيْرَهُ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ أَثْبَتَ الْفَاءَ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12095أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : "أَصَابَ" مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: "مَا أَصَابَ" يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ، وَتَكُونُ "مَا" شَرْطِيَّةٌ، وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ حَذْفُ الْفَاءِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَجَوَّزَ حَذْفُهَا
nindex.php?page=showalam&ids=13674أَبُو الْحَسَنِ الْأَخْفَشُ وَبَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَلَى أَنَّهَا مُرَادَّةٌ فِي الْمَعْنَى، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: "أَصَابَ" صِلَةٌ لِـ"مَا"، وَتَكُونُ "مَا" بِمَعْنَى "الَّذِي"، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ حَذْفُ الْفَاءِ وَثُبُوتُهَا، لَكِنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ مَعَ ثُبُوتِهَا بِالتَّلَازُمِ، أَيْ: لَوْلَا كَسْبُكُمْ مَا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ، وَالْمُصِيبَةُ إِنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ كَسْبِ الْأَيْدِي، وَمَعْنَى الْكَلَامِ مَعَ حَذْفِهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّلَازُمُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَرَّى مِنْهُ.
وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَالتَّلَازُمُ مُطْرَدٌ مَعَ الثُّبُوتِ وَالْحَذْفِ، وَأَمَّا مَعْنَى الْآيَةِ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ، فَقَالَتْ فِرْقَةٌ: هِيَ إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، بِأَنَّ الرَّزَايَا وَالْمَصَائِبِ فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا هِيَ مُجَازَاةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذُنُوبِ الْمَرْءِ، وَتَمْحِيصِ لِخَطَايَاهُ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ فَلَا يُعَاقَبُ عَلَيْهِ بِمُصِيبَةٍ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=933301 "لَا يُصِيبُ ابْنُ آدَمَ خَدْشَ عَوْدٍ أَوْ عَثْرَةَ قَدَمٍ وَلَا اخْتِلَاجَ عَرِقَ إِلَّا بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو عَنْهُ أَكْثَرُ" ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=40عُمْرَانُ بْنُ حَصِينٍ وَقَدْ سُئِلَ
[ ص: 519 ] عَنْ مَرَضِهِ: "إِنْ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا بِمَا كَسَبَتْ يَدَايَ، وَعَفْوُ رَبِّي سُبْحَانَهُ كَثِيرٌ". وَقَالَ
مُرَّةُ الْهَمَذَانِيُّ: رَأَيْتُ عَلَى ظَهْرٍ كَفَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16097شَرِيحِ قُرْحَةٍ، فَقُلْتُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ: "هَذَا بِمَا كَسَبَتْ يَدِي وَيَعْفُوَا عَنْ كَثِيرٍ"، وَقِيلَ
لِأَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ : مَا بَالُ الْفُضَلَاءِ لَا يَلُومُونَ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: لِأَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي ابْتَلَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ. وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضَى اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
"إِنَّ اللَّهَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُثْنِيَ عَلَى عَبْدِهِ الْعُقُوبَةَ إِذَا أَصَابَتْهُ فِي الدُّنْيَا بِمَا كَسَبَتْ يَدَاهُ" . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: مَعْنَى الْآيَةِ فِي الْحُدُودِ: أَيْ: مَا أَصَابَكُمْ مِنْ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى -وَتِلْكَ مُصِيبَةٌ تَنْزِلُ بِشَخْصِ الْإِنْسَانِ وَنَفْسِهِ- فَإِنَّمَا هِيَ بِكَسْبِ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ كَثِيرٍ، فَيَسْتُرُهُ عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى لَا يَحِدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ قُصُورِ ابْنِ آدَمَ وَضِعْفِهِ، وَأَنَّهُ فِي قَبْضَةِ الْقُدْرَةِ، لَا يُعْجِزُ طَلَبُ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يُمَكِّنُهُ الْفِرَارُ مِنْهُ.
و"الْجَوَارِي": جَمْعُ جَارِيَةٍ، وَهِيَ السَّفِينَةُ، وَقَرَأَ: "الْجَوَارِي" بِالْيَاءِ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وَأَبُو جَعْفَرٍ ،
وَشَيْبَةُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَثْبَتَهَا فِي الْوَصْلِ وَوَقْفٍ عَلَى الرَّاءِ، وَقَرَأَ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ فِي وَصْلٍ وَوَقْفٍ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمٍ : نَحْنُ نُثْبِتُهَا فِي كُلِّ حَالٍ، وَ"الْأَعْلَامُ": الْجِبَالُ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْخَنْسَاءَ: وَإِنَّ صَخْرًا لِتَأْتَمُّ الْهُدَاةُ بِهِ ... كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارُ
[ ص: 520 ] وَمِنْهُ الْمَثَلُ: "إِذَا قَطَعْنَ عَلَمًا بَدَا عَلَمٌ"، فَجَرْيُ السُّفُنِ فِي الْمَاءِ آيَةٌ عَظِيمَةٌ، وَتَسْخِيرُ الرِّيحِ لِذَلِكَ نِعْمَةٌ مِنْهُ تَعَالَى، وَهُوَ لَوْ شَاءَ أَنْ يَسْكُنَ الرِّيحُ عَنْهَا لَرَكَدَتْ، أَيْ: أَقَامَتْ وَقَّرَتْ وَلَمْ يَتِمْ مِنْهَا غَرَضٌ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرُو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وَعَاصِمٌ : "الرِّيحُ" وَاحِدَةٌ، وَقَرَأَ: "الرِّيَاحُ"
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16456وَابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=33 "فَيَظْلَلْنَ" بِفَتْحِ اللَّامِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : "فَيُظْلِلْنَ" بِكَسْرِ اللَّامِ، وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ ، فِيهِ الْمَوْعِظَةُ، وَتَشْرِيفُ الصَّبَّارِ الشَّكُورِ بِالتَّخْصِيصِ، وَالصَّبْرُ وَالشُّكْرُ فِيهِمَا الْخَيْرُ كُلُّهُ، وَلَا يَكُونَانِ إِلَّا فِي عَالَمٍ.