الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر النائم ينتبه فيجد بللا، ولا يتذكر احتلاما

                                                                                                                                                                              أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا رأى في نومه أنه احتلم أو جامع، ولم يجد بللا أن لا غسل عليه.

                                                                                                                                                                              587 - حدثنا علي، نا حجاج، نا عمار، عن الحجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: إذا رأى الرجل أنه نكح، ولم يجد بلة، فلا يغتسل، واختلفوا فيمن رأى بلة، ولم يذكر احتلاما: فقالت طائفة: يغتسل، روي هذا القول عن ابن عباس ، وعطاء، والشعبي، وابن جبير، والنخعي .

                                                                                                                                                                              588 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب، أنبا عبيد الله بن موسى، عن سفيان، عن أشعث، عن عكرمة، عن ابن عباس، في الرجل ينام ويقوم، وعلى طرف ذكره بلل، قال: يغتسل.

                                                                                                                                                                              589 - حدثنا يحيى بن محمد، ثنا أبو الربيع الزهراني، ثنا حماد بن زيد، أنبا أيوب، عن نافع، أن ابن عمر، سئل عن الرجل يستيقظ فيجد البلة، قال ابن عمر: أما أنا فلو وجدت ذلك اغتسلت. [ ص: 206 ]

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: أعجب إلي أن يغتسل إلا رجل به أبردة، وقال إسحاق: يغتسل إذا كانت بلة نطفة.

                                                                                                                                                                              وروينا عن الحسن أنه قال: إن كان انتشر إلى أهله من أول الليل فوجد بلة فهو من ذلك فلا يغتسل، وإن لم يكن انتشر إلى أهله فوجد بلة فليغتسل، وقول الحسن هذا قول ثان ، وقالت طائفة: لا يغتسل حتى يوقن بالماء الدافق، هكذا قال مجاهد، وقال الحكم: لا يغتسل، وقال قتادة إذا كان ماء دافقا اغتسل، فقلت لقتادة : كيف يعلم ذلك؟ قال: يشمه.

                                                                                                                                                                              590 - حدثنا محمد بن علي، ثنا سعيد، ثنا هشيم، ثنا أبو حمزة الأسدي، قال: بينما أنا على راحلتي، وأنا بين النائم، واليقظان، وجدت شهوة وانكسرت نفسي، فخرج مني ما بل حاذي، وما هناك، فسألت ابن عباس فقال: اغسل فرجك، وما أصابك منه، وتوضأ، ولم يأمرني بالغسل.

                                                                                                                                                                              وقال مالك: إذا وجد بلة لا يغتسل إلا أن يجد الماء الدافق.

                                                                                                                                                                              وقال الشافعي: إذا شك أنزل أو لم ينزل لم يجب عليه غسل حتى يستيقن الإنزال، وهذا قول أبي يوسف . [ ص: 207 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب حديثا، وقد تكلم في إسناده.

                                                                                                                                                                              591 - حدثنا محمد بن إسماعيل، ثنا إبراهيم بن المنذر، أخبرني ابن نافع، عن عبد الله بن عمر، عن عبيد الله، عن القاسم، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقال: إن أحدنا يرى أنه قد أصاب امرأته في النوم، ولا يجد بللا. قال: لا يغتسل، وقال: إن وجد ماء، ولم ير شيئا فليغتسل .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: عبد الله بن عمر، كان يحيى القطان يضعفه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فمن رأى بللا فإن أيقن أنه بلة نطفة اغتسل، وإن علم أنه مذي أو غيره بعد أن يعلم أن البلة ليست ببلة نطفة، لم يجب عليه الاغتسال، والأحوط له إذا شك فلم يدر بلة نطفة أو مذي أن يغتسل، فإن أمكنه التمييز بينها بشم كما قال قتادة فعل، فإن رائحة نطفة الرجل تشبه رائحة الطلع.

                                                                                                                                                                              مسألة:

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر في الرجل يأتي المرأة دون الفرج فيدخل من مائه في فرجها، قالت طائفة: عليها الغسل، قال عطاء، وعمرو بن شعيب، والزهري كذلك [ ص: 208 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ولا أجد دلالة أوجب عليها الغسل لدخول ماء الرجل في فرجها. واختلفوا في المرأة يخرج من فرجها ماء الرجل بعد الاغتسال، فكان الأوزاعي يقول: تتوضأ، وكذلك قال قتادة، وأحمد، وإسحاق، وقال الحسن: تغتسل. قال أبو بكر: تتوضأ.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية