الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر تفريق الوضوء، والغسل

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في تفريق الوضوء، والغسل فقالت طائفة: لا يجوز ذلك حتى يتبع بعضه بعضا، روينا عن عمر، أنه رأى رجلا يتوضأ وقد ترك في قدميه مثل موضع الظفر، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة. [ ص: 69 ]

                                                                                                                                                                              وكان قتادة، والأوزاعي، يقولان: إذا ترك غسل عضو من الأعضاء حتى جف الوضوء أعاد الوضوء. وكان ربيعة يقول: تفريق الغسل مما يكره فإنه لا يكون غسلا حتى يتبع بعضه بعضا.

                                                                                                                                                                              وقال مالك: من تعمد ذلك فإني أرى أن عليه أن يعيد الغسل، وقال: الليث كذلك، مع أن قول مالك مختلف في هذا الباب، وقد حكى ابن القاسم عنه أنه قال: إن قام لأخذ الماء وكان قريبا؛ بنى على وضوئه، وإن تطاول ذلك وتباعد، فأرى أن يعيد الوضوء من أوله.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد إذا جف وضوءه يعيد، وذكر حديث عمر.

                                                                                                                                                                              وأجازت طائفة تفريق الوضوء، والغسل، ثبت أن ابن عمر توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه، ثم دعي لجنازة فدخل المسجد ليصلي عليها، فمسح على خفيه، ثم صلى عليها .

                                                                                                                                                                              429 - أخبرنا الربيع، أنا الشافعي، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أنه توضأ بالسوق .. فذكره . [ ص: 70 ]

                                                                                                                                                                              وكان عطاء لا يرى بتفريق الوضوء بأسا، وأباح ذلك النخعي في الغسل، وكان الحسن، والنخعي لا يريان بأسا للجنب أن يغسل رأسه، ثم يؤخر غسل جسده بعد ذلك، وروي معنى ذلك، عن ابن المسيب، وطاوس، وهذا على مذهب الثوري ، وممن رأى ذلك جائزا الشافعي، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              وكذلك نقول: لأن الله - تعالى - أوجب في كتابه غسل أعضاء فمن أتى بغسلها فقد أتى بالذي عليه، فرقها أو أتى بها نسقا متتابعا، وليس مع من جعل حد ذلك الجفوف حجة، وذلك يختلف في الشتاء والصيف.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية