الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
570 - 33 حدثنا أحمد بن محمد بن شريح ، حدثنا محمد بن رافع ، قال : حدثني عبد الصمد ، قال : سمعت وهبا رحمه الله يقول : " إن السماوات السبع [ ص: 1053 ] والأرض والبحار لفي الهيكل ، وإن الهيكل لفي الكرسي " . وسئل وهب : ما الهيكل ؟ قال : " شيء من أطراف السماوات محدق بالأرضين ، والبحار كأطناب الفسطاط " . قال : وسمعت وهبا رحمه الله تعالى يقول : " قال عزير : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك ، فأتى على مشيئتك لم تأت فيه مؤنة ، ولم تنصب فيه نصبا كان عرشك على الماء ، والظلمة على الهواء ، والملائكة يحملون عرشك ، ويسبحون بحمدك ، والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك ، ولا يسمع فيه صوت إلا صوتك ، ثم فتحت خزائن النور ، وطريق الظلمة ، وكان ليلا ونهارا يختلفان بأمرك ، ثم أمرت الماء ، فجمد في وسط الهواء ، فجعلت منه سبعا سميتهن السماوات ، وملائكتك يسبحون بحمدك غير محتاج إلى ذلك ، ولا مستأنس بهم ، ثم أمرت الماء فانفتق من التراب ، وأمرت التراب أن يتميز من الماء ، فكان كذلك ، فسميت جميع ذلك الأرضين ، وجميع الماء البحار ، ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة في تراب واحد يسقى بماء واحد ، فجاء على مشيئتك مختلفا أكله ، ولونه ، وريحه ، وطعمه منه الحلو ، ومنه الحامض والمر ، والطيب ريحه ، والمنتن ، والقبيح ، والحسن ، ثم خلقت الشمس سراجا ، والقمر نورا ، والنجوم ضياء ، ثم خلق من الماء دواب الماء ، وطير السماء ، فخلقت منها أعمى بصرته ، ومنها أصم أذن فسمعته ، ومنها ميت أنفس أحييته خلقت ذلك كله بكلمة واحدة ، منه ما عيشه الماء ، ومنه ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في الأجسام ، والألوان جنسته أجناسا ، وزوجته [ ص: 1054 ] أزواجا ، وخلقته أصنافا ، وألهمته الذي له خلقته ، ثم خلقت من التراب ، والماء دواب الأرض ، وماشيتها وسباعها ، فمنهم من يمشي على بطنه ، ومنهم من يمشي على رجلين ، ومنهم من يمشي على أربع ، ومنهم العظيم ، والصغير تبارك الله أحسن الخالقين " .

التالي السابق


الخدمات العلمية