الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
934 - 19 حدثنا محمد بن هارون ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا عبد الرحمن بن زيد - رحمه الله تعالى - قال : " بينا رجل مع قوم هم في مركب في البحر ، إذ انكسر بهم مركبهم ، [ ص: 1414 ] فتعلق بخشبة فطرحته إلى جزيرة من الجزائر ، فخرج يمشي ، فإذا هو بقدم مثل قدم رجل فيها ذراع ، وإذا برجل جالس في مسجد ففزعت منه ، واستبقت بالسلام ، فرد علي ، فلما رد علي السلام سكنت ، فقال : ممن الرجل ؟ قلت : من أهل الإسلام . قال : من أي الأمم ؟ قلت : من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - . قال : صلى الله على محمد ، قال : أنت من الذين يرمقون الشمس ، فإذا غربت قاموا فصلوا لله تعالى ؟ قلت : نعم . قال : طوبى لكم ، ليتني كنت منكم ، ثم قال : أنت من الذين يرمقون الشمس قبل أن تطلع ، فبادروها ، فصلوا لله - عز وجل - ؟ قلت : نعم . قال : طوبى لكم ، ليتني منكم .

قلت : من أنت ؟ يرحمك الله . قال : أنا من بقية قوم موسى - عليه السلام - ، الذين قال الله - عز وجل - : ( ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون ) ، كنت أنا وأخ لي نتعبد لله - عز وجل - في هذه الجزيرة ، فدفنته أول من أمس ، - رحمة الله عليه - ، هل لك يا أخي ! أن تتفرغ لله في بقية نفسك وعمرك ؟ قلت : نعم . قال : فأقمت معه ، فإذا أنا بماء ، فإذا برجل في رجليه سلسلة منوط فيها بينه وبين الماء شبر ، فقال : اسقني - رحمك الله تعالى - ، فأخذت ملء كفي فرفعته ، فرفع بالسلسلة ، فذهب الماء ، فلما ذهب الماء حط الرجل ، ففعلت ذلك ثلاثا ، أو أربعا ، فلما رأيت ذلك منه ، قلت : ما لك ؟ ويحك ! قال : هو ابن آدم الذي قتل أخاه ، والله ما قتلت نفس ظلما مذ قتلت أخي ، إلا يعذبني الله بها ؛ لأني أنا أول من سن القتل . قال : فجئت صاحبي ، فذكرت ذلك له ، فقال : صدقت ، فقال : فمكثت معه ساعة تعرض لي وجالت العينان ، فقال : ما لك ذكرت [ ص: 1415 ] أهلك وولدك ؟ قلت : نعم . قال : أتحب أن نبلغك إياهم ؟ قلت : وددت ، فقال : نعم ، إن شاء الله تعالى ، قال : فجعلت السحاب تمر به فيناديها ، فتجيبه ، فيقول : أين أمرت ؟ فتقول : مكان كذا وكذا ، حتى مرت سحابة ، فقال : يا سحابة ! ، أين أمرت ؟ قالت : بالبصرة ، وكان الرجل من أهل البصرة ، فقال : خذي هذا حتى تبلغيه أهله . قال : فالتفت بي ، فما دريت بشيء ، حتى وضعتني في سطح أهلي بالبصرة " . [ ص: 1416 ]

[ ص: 1417 ] [ ص: 1418 ] [ ص: 1419 ] بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على أشرف الخلق ، سيدنا محمد ، وآله ، وصحبه وسلم تسليما (كثيرا كثيرا كثيرا)

التالي السابق


الخدمات العلمية