الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
937 - 3 حدثنا أبو الطيب ، حدثنا علي بن داود ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا ابن لهيعة ، عن قيس بن الحجاج ، عمن حدثه ، قال : لما فتحت مصر أتي عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنه - حين دخل يوم من أشهر العجم ، فقالوا : أيها الأمير ! ، إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها ، فقال [ ص: 1425 ] لهم : " وما ذاك ؟ " قالوا : إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر ، عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها ، فأرضينا أبويها ، وجعلنا عليها من الثياب أفضل ما يكون ، ثم ألقيناها في هذا النيل ، فقال له عمرو - رضي الله عنه - : " إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام ، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله ، فأقاموا يومهم ، والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا ، حتى هموا بالجلاء ، فلما رأى ذلك عمرو - رضي الله عنه - ، كتب إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بذلك ، فكتب أن قد أصبت بالذي فعلت ، وإن الإسلام يهدم ما كان قبله ، وبعث بطاقة في داخل كتابه ، وكتب إلى عمرو - رضي الله عنهما - : " إني قد بعثت إليك بطاقة في داخل كتابي إليك ، فألقها في النيل " ، فلما قدم كتاب عمر - رضي الله عنه - إلى عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أخذ البطاقة ففتحها ، فإذا فيها : " من عبد الله عمر - رضي الله عنه - أمير المؤمنين ، إلى نيل أهل مصر ، أما بعد : " فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر ، وإن كان الله - عز وجل - يجريك ، فأسأل الله الواحد القهار أن يجريك ، قال : فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم ، وقد تهيأ أهل مصر للجلاء منها ؛ لأنه لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل ، فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم الصليب ، وقد أجراه الله - عز وجل - ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة ، وقطع الله - عز وجل - تلك السنة السوء عن أهل مصر إلى اليوم " . [ ص: 1426 ]

[ ص: 1427 ] [ ص: 1428 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية