الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
35 - قصة ذي القرنين ، وسعة ملكه ، وتمكين الله له من أرضه وسلطانه

954 - 1 حدثني أبي - رحمه الله تعالى - ، حدثنا أحمد بن رستم ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثنا حرملة بن عمران ، أخبرني عبيد الله بن أبي جعفر ، " أن ذا القرنين في بعض مسيره ، مر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم ، وإذا ثيابهم لون واحد ، ورقاعها واحدة ، وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة ، فتوسم رجلا منهم ، فقال : لقد رأيت شيئا ما رأيته في شيء من مسيري ، قال : وما هو ؟ فوصف له ما رأى منهم ، فقال : أما هذه القبور التي على أبوابنا ، فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب أحدنا الدنيا ، فيخرج فيرى القبور ، فيرجع إلى نفسه ، فيقول : إلى هذا المصير ، وإليها صار من قبلي ، وأما هذه الثياب ، فإنه لا يكاد الرجل يلبس ثيابا أحسن من ثياب صاحبه ، إلا رأى فضلا على جليسه ، وأما قولك : إنكم رجال كلكم ، ليس معكم نساء فلعمري ! ، فلقد خلقنا من ذكر وأنثى ، [ ص: 1444 ] ولكن هذا القلب لا يشغل بشيء إلا اشتغل به ، فجعلنا نساءنا وذرارينا في قرية قريبة منا .

فإذا أراد الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها ، فكان معها الليلة والليلتين ، ثم يرجع إلى ما هاهنا ، وأنا جعلنا هذه للعبادة . قال : فما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم ، سلني ما شئت . قال : من أنت ؟ قال : أنا ذو القرنين ، قال : ما أسألك ، وأنت لا تملك شيئا ؟ قال : وكيف وقد آتاني الله - عز وجل - من كل شيء سببا ؟

قال : لا تقدر على أن تأتيني ما لم يقدر إلي ، ولا تصرف ما قدره علي " .

التالي السابق


الخدمات العلمية